للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٨٦ - وَمُقْتَضَى الْعَادَةِ أَنَّ مَا غَلَبْ … إِلَيْهِ حُكْمُ ذَلِكَ الْأَمْرِ انْتَسَبْ

٧٨٧ - أَوْ جِهَةِ التَّعَلُّقِ الشَّرْعِيِّ … وَذَاكَ رَاجِعٌ إِلَى الْعَادِيِّ

٧٨٨ - فَمَا يُرَى فِي الاعْتِيَادِ يَغْلِبُ … فَذَاكَ مَا أُلْفِيَ شَرْعًا يُطْلَبُ

٧٨٩ - نَهْيًا وَأَمْرًا دَافِعًا لِلْمَفْسَدَةْ … أَوْ جَالِبًا مَصْلَحَةً مُعْتَمَدَةْ

" و" إذا تقرر أن مصالح الدنيا ممتزجة بمفاسد تكدرها وأن مفاسدها لا تنفك عن جنس من المصلحة فإن هذه المصالح والمفاسد إنما تفهم على "مقتضى العادة" والعرف "أنّ ما غلب" عادة وعرفا من المصلحة أو المفسدة هو الذي "إليه حكم ذلك الأمر" الذي حصلت فيه تلك الغلبة "انتسب" فإذا كان الغالب جهة المصلحة فهي المصلحة المفهومة عرفا وإن غلبت الجهة الأخرى فهي المفسدة المفهومة عرفا ولذلك كان الفعل ذو الوجهين منسوبا إلى الجهة الراجحة؛ فإن رجحت المصلحة فمطلوب، ويقال فيه إنه مصلحة. وإذا غلبت جهة المفسدة فمهروب عنه، ويقال: به مفسدة على ما جرت به العادات في مثله، فإن خرج عن مقتضى العادات فله نسبة أخرى وقسمة غير هذه القسمة. هذا وجه النظر في المصلحة الدنيوية والمفسدة الدنيوية، من حيث مواقع الوجود في الأعمال العادية.

وأما من جهة تعلق الخطاب الشرعي بالمصلحة، ففيها يقول الناظم: "أو من جهة التعلق الشرعي" بها "وذاك" التعلق "راجع إلى" ما يقتضيه ويدل عليه الحكم "العادي" والعرفي "فما يرى" أي يعلم "في الاعتياد" البشري "يغلب" ويقدم عند عقلاء الناس في الاعتبار "فذاك" هو "ما ألفي" أي وجد "شرعا يطلب" اعتباره، لأنه المصلحة الشرعية.

قال الشاطبي: فالمصلحة إذا كانت هي الغالبة عند مناظرتها مع المفسدة في حكم الاعتياد، فهي المقصودة شرعا؛ ولتحصيلها وقع الطلب على العباد، ليجري قانونها على أقوم طريق وأهدى سبيل، وليكون حصولها أتم وأقرب وأولى بنيل المقصود، على مقتضى العادات الجارية في الدنيا، فإن تبعها مفسدة أو مشقة فليس في الحقيقة الشرعية كذلك.

والطلب الشرعي يرد في هذا الشأن "نهيًا وأمرًا دافعًا للمفسدة" راجع لقوله نهيا يعني نهيا دافعا للمفسدة "أو جالبًا مصلحةً معتمدة" راجع لقوله أمرا يعني أمرا جالبا مصلحة معتمدة ومعتبرة شرعا "و" إذا تقرر أن الشارع لا يلتفت إلا إلى جهة المصلحة الراجحة، وأنه يلغي في الاعتبار ما قد يشوب تلك المصلحة من المفاسد، لأنه لو

<<  <  ج: ص:  >  >>