والثانية: من جهة كونها ألفاظا وعبارات مقيدة دالة على معان خادمة، وهي الدلالة التابعة. وفي ذلك وفي بيان يقول الناظم:"دلالة اللفظ على المعاني في لغة العرب" بضم العين وسكون الراء - لغة في العرب بفتحتين - "لها لحظان" - تثنية لحظ، وهو الاعتبار والنظر - أي نظران واعتباران، فالناظر في هذه اللغة المتشوف إلى الاطلاع على أمرها وماهيتها يجب عليه أن يميزا بينهما بعد معرفته بهما على بيان، أحدهما: النظر - اللحظ - "من جهة" كونها ألفاظا وعبارات مطلقة، دالة على معان مطلقة، وهذه الدلالة هي "الأصلية" المجردة من أي اعتبارات خاصة بالمخبر - بالكسر أو المخبر - بالفتح، أو بهما على السواء وهذه الدلالة "مفهمة" ومبينة "المقاصد الكلية" من الكلام "و" هذه الجهة "هي التي فيها اشتراك" جميع "الألسنة" وإليها تنتهي مقاصد المتكلمين، ولا تختص بأمة دون أخرى، وذلك "لكونها عن" الذي تحصل في "النهى" بضم النون - جمع نهية، وهي العقل - أي العقول "مبينة" - بكسر الياء - أي مخبرة ومبلغة.
"ألا ترى" أنه إذا حصل في الوجود فعل لزيد - مثلا - كالقيام، ثم أراد كل صاحب لسان الإخبار عن زيد بالقيام تأتى له ما أراد من غير كلفة. وكذلك "لو أن قصرا ابتني" فإنه "أمكن وصفه لكل" أصحاب "الألسن" واللغات بلا مشقة "ومن هنا" أي من هذه الجهة "أمكن نقل الخبر" سواء كان قولا أو الفعلا "عن" لسان "أمة" وسواء كان عربيا أو غيره "لـ" لسان "أمة" أخرى عربية كانت، أو غيرها، ممن مضى "في الأعصر" الماضية، أو ممن ما زال حيا. هذا أحد النظرين وجهته. وأما الثاني فقد أورده الناظم قائلا "أو" - بمعنى الواو - أي واللحظ الثاني من "جهة" كونها ألفاظا وعبارات مقيدة دالة على معان خادمة لذلك الإخبار، وهذه هي "الدلالة الفرعية أي التي تكون تابعية"