أحدهما: أن يكون ذلك العمل لا يقتضيها بأصله، لأنه يحصل بدونها.
"فصل"
ثانيهما: أن تكون تابعة للعمل. "فإن يكن بمقتضى" النظر و"التأمل" قد ظهر أنه "لا يقتضيها" أي تلك المشقة "أصل ذاك العمل" ولا يوجبها الإتيان بماهيته الشرعية "فذاك" أمر "ممنوع" إتيانه "و" ذلك لأنه "عنه قد نهى" شرعا، فغير صحيح التعبد به "وهذا" يصار إلى الحكم به "إن" كان "الأصل" أي أصل ذلك العمل قد ثبت أنه "مأمور به" شرعا - وإنما لم يصح هذا في التعبد، لأن الشارع لم يقصد الحرج فيما أذن فيه. ومثال هذا" حديث الناذر للصيام قائما في الشمس غير مستظل، ولا متكلم ولا مفطر. فرآه النبي صلى الله عليه وسلم قائما في الشمس، فسأل عنه، فأخبر بحاله، فقال - عليه الصلاة والسلام - "مروه فليستظل، وليتكلم، وليتم صومه". ولذلك قال ما لك - في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - له بإتمام الصوم، وأمره له بالقعود والاستظلال - أمره أن يتم ما كان لله طاعة، ونهاه عما كان لله معصية. لأن الله لم يضع تعذيب النفوس سببا للتقرب إليه، ولا لنيل ما عنده. وهو ظاهر. إلا أن هذا النهي مشروط بأن تكون المشقة التي أدخلها المكلف على نفسه مباشرة - كما في المثال - وليس بسبب الدخول في العمل.
"و" أما "إن تكن" المشقة "تابعة للعمل" المأذون فيه واجبا كان أو غيره، وكانت مشقة خارجة عن المعتاد في مثل ذلك العمل - كما تقدم تقريره - "فها هنا" أي في هذا الحال يجري ويسري حكم "ما جاء في" شأن كون هذا الدين مبنيا على "اليسر" من الأدلة، "جلي" أي واضح بين. وذلك كالمريض الغير القادر على الصوم، وعلى الصلاة قائما، وكالذي لا يقدر على الحج ماشيا، أو راكبا إلا بمشقة خارجة عن المعتاد في مثل ذلك العمل. فهذا هو الذي جاء في بيان حكمه قوله - تعالى - {يُرِيدُ