صلاحه في الدارين وفي الجملة فإن هذه الدار ليست بدار القرار، وإن الاستقرار هناك في دار البقاء.
"فإن هاذي" أي هذه "الدار" التي نحن فيها - دار الدنيا - "موضع العمل" والكسب "وتلك" أي الدار الآخرة "للفوز" والفلاح "أو الخسر" - بضم الخاء وسكون السين - أي العقاب "محل" موضع ودار. والمكلف ليست له القدرة على كسب منافعه هذه كلها وحده "وحين" ثبت أنه "لم يقدر على القيام بما" ذكر وهو تحصيل كل ما "به" يكون "النفع" له في الدارين "على التمام" والكمال لضعفه عن ذلك وعدم قدرته عليه "احتاج أن يعينه سواه" من الخلق، وذلك "لنيل ما رءاه" وعلم أنه "مبتغاه" وهو كسب تلك المنافع والمصالح كلها، "فـ" لذلك "صار كل أحد" أي واحد "لن" يعني لا "يسعى إلا لما جر" يعني لما يجر ويجلب من الأمور "إليه نفعا" ومصلحة ونفعه غيره وإن كان ساعيا فيه، فإن ذلك ما كان منه إلا لما يجنيه من منفعة ترجع إليه، فصار يسعى في نفع نفسه واستقامة حاله بنفع غيره. وبهذا حصل التعاون بين الخلق "وصح الانتفاع للجميع" أي لجميعهم "في قصدهم" هذا - وهو كسب النفع لأنفسهم من نفع غيرهم - وذلك ليس من جهة نفع الجميع للجميع وانتفاع الجميع بالجميع، لأن ذلك مستحيل ولا يحتاج إليه بالضرورة، وإنما "من جهة" انتفاع "المجموع" بالمجموع، وهذا لا يشترط فيه الشمول للخلق كلهم، ولا التعيين، إذ يصدق على تعاون بعض من الناس مع آخرين فقط وإن كان كل واحد منهم في حقيقة الأمر إنما يسعى إلى نفع نفسه. فإذا تقرر هذا وعلم علم أن هذه المقاصد التبعية الفرعية - روعي فيها حظ المكلف ليستقيم حاله في أمور دينه ودنياه، وأن حكمة الحكيم الخبير حكمت بأن قيام الدين والدنيا إنما يصلح ويستمر بهذا، وأدرك على بينة أن المقاصد التي يقتضيها محض العبودية وهي لا حظ للمكلف فيها هي المقاصد الشرعية الأصلية وأدرك أيضا على