للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٨٠ - كَانَ مِنَ الشَّرْعِ بِإِذْنٍ أَوْ طَلَبْ … نَدْبٍ فَإنْ يَعْرَ عَنِ الدَّاعِي وَجَبْ

١٠٨١ - إِمَّا عَلَى الْعَيْنِ أَوِ الْكِفَايَهْ … وَصَارَ حَظُّ الْغَيْرِ بَادِي الآيَهْ

١٠٨٢ - مُقَدَّمًا عَلَى سِوَاهُ فِي الطَّلَبْ … وَأُكِّدَ الْكَفُّ مِنْ أَجْلِ ذَا السَّبَبْ

التي لا تنفك مرغمة لهم على تلبية ما يبعث عليه وتطلبه.

"كان" طلبه "من" جهة "الشرع بإذن" أي إباحة - تخيير بين الفعل والترك - "أو طلب ندب" واستحباب وذلك كالاحتراف والتكسب والنكاح فكل ذلك مطلوب في الجملة طلب الندب، لا طلب الوجوب بل كثيرا ما يأتي طلب ذلك في معرض الإباحة كقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البَقَرَة: ٢٧٥] وقوله سبحانه {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجُمُعَة: ١٠] وغير ذلك من النصوص الشرعية الواردة في هذا الشأن. وهذا الحكم إنما يجري فيما يسوق إليه الداعي النفسي "فإن يعر" كسب وطلب هذا الضروري من الضروريات "عن الداعي" المذكور فإنه لا يجري فيه الحكم المتقدم - الإباحة أو الندب - وإنما يصير مما قد "وجب" وفرض ويكون ذلك الوجوب "اما على عين" غير صاحب الحظ، وذلك كوجوب القيام بوظائف الزوجات والأولاد على الزوج، والأب "أو" على "الكفاية" كوجوب غسل الميت وكفنه ودفنه والصلاة عليه. وغير ذلك مما هو واجب على الكفاية لخلوه من داع نفسي ونازع طبعي. فإن لم يكن خاليا منه فإنه يطلب على الكفاية طلب إباحة أو ندب، كما في شأن تولي الولايات والرئاسة، وما شابهها وذلك لما جبلت عليه النفوس من حب ذلك والرغبة فيه كما سيأتي بيانه وهذا بين جلي. وأما ما فيه حظ الغير، فإنه مقدم طلبه على طلب حظ النفس المباشر المنزوع إليه من جهة النفس. "وصار حظ الغير" حال كونه "بادي الآية" أي ظاهر العلامة (١).

"مقدما على سواه" وهو - كما تقدم ذكره الحظ المباشر الذي تدفع إليه النفس وبيان ذلك أن ما تدفع إليه رغبات النفوس ودواعيها لم يطلب من جهة الشرع إلا طلب إباحة، أو ندب - كما سبق ذكره - لأن الإتيان به محال على هذه الدواعي والرغبات، فهي تلزم بالإتيان به، لما لها من سلطان على النفوس وقهر لها. فإذا تعارض هذا الحظ مع حظ الغير، فإنه يقدم حظ الغير شرعا بالكف عن طلب ذلك الحظ المنزوع إليه، لكونه غلابا قهارا. ويكون ذلك التقديم بالطلب الشرعي "وأكد" أي قوى "الكف" وذلك "من أجل ذا السبب" وهو - كما تقدم ذكره - أن الطبع النازع إلى طلب مصلحة


(١) هذا ما ظهر لي في هذه الكلمة. فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>