للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٨٣ - بِالزَّجْرِ فِي الدُّنْيَا وبِالإيعَادِ … بِلَاحِقِ الْعَذَابِ فِي الْمِعَادِ

١٠٨٤ - وَضَرْبُهَا الثَّانِي بِذِي الْمَثَابَةِ … مَا قَدْ أَتَى فِيهِ عَلَى الْكِفَايَةِ

١٠٨٥ - وَمَا عَلَى الْأعْيَانِ مِنْهُ قَدْ أَتَى … فَالْقَصْدُ لِلشَّارعِ فِيهِ ثَبَتَا

الإنسان ودرء مفسدته يغرى ويشلى المكلف بقوة على الإقدام على ذلك - على كل حال - فكان كفه عن ذلك فيما فيه يقدم حظ غيره بما ذكر من الكف و"بالزجر في الدنيا" بما ينزجر به كالتعزيرات والحدود والتأديبات "وبالإيعاد" والتهديد "بلاحق العذاب" - فيه إضافة الصفة للموصوف - أي بالعذاب اللاحق "في المعاد" - بفتح الميم - أي يوم القيامة لكل من لم يكف نفسه عما نهي عنه من ذلك. وذلك كقتل النفس التي حرم الله، والزنا، والخمر، وأكل الربا، وأكل أموال اليتامى وغيرهم من الناس بالباطل، والسرقة، وغير ذلك. "و" هكذا حال "ضربها" أي الضروريات "الثان بذي المثابة" فإنه جار على هذا السبيل أعني "ما" كان "قد أتى فيه على الكفاية" أو أكثر أنواعه. فما كان منه في النفس نوازع إليه فإنه يطلب طلب إباحة أو ندب وذلك كالولايات ونحوها مما ترغب فيه النفوس وتجمح إليه.

قال الشاطبي: فإن عز السلطان وشرف الولايات ونخوة الرياسة، وتعظيم المأمورين للآمر مما جبل الإنسان على حبه، فكان الأمر بها جاريا مجرى الندب لا الإيجاب، بل جاء ذلك مقيدا بالشروط المتوقع خلافها، وأكد النظر في مخالفة الداعي، فجاء كثير من الآيات والأحاديث في النهي عما تنزع إليه النفس فيها كقوله تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: ٢٦] إلى آخرها، وفي الحديث: "لا تطلب الإمارة فإنك إن طلبتها باستشراف نفس وكلت إليها" أو كما قال، وجاء النهي عن غلول الأمراء وعن عدم النصح في الإمارة لما كان هذا كله على خلاف الداعي من النفس ولم يكن هذا كله دليلا على عدم الوجوب في الأصل بل الشريعة كلها دالة على أنها في مصالح الخلق من أوجب الواجبات (١).

هذا شأن ما كان على الكفاية. "و" أما "ما على الأعيان" الاشخاص "منه" أي هذا القسم "قد أتى" مفروضا "فالقصد للشارع فيه" يعني في الإتيان به أمر "ثبتا" فكان الطلب


(١) الموافقات/ ج ٢/ ص ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>