وبذلك فإن أعظم الطاعات هو ما حفظ به ما جعل الشارع حفظه ضروريا "إذ أعظم المصالح الشرعية" إنما هو "في الحفظ للمقاصد" الشرعية "الأصلية" التي بنيت الشريعة على حفظها في الخلق، وهي المقاصد المتعلقة بحفظ الضروريات الخمس. "و" أما "أعظم المفاسد" فهو "الإخلال بحكمها" أي هذه الضروريات، وبمقتضاها، وحكمها الشرعي هو حفظها. والدليل على أن أعظم المفاسد هو ما ذكر وما جاء من الوعيد على الإخلال به كما في الكفر وقتل النفس، وما يرجع إليه، والزنى وشرب الخمر، وما يرجع إلى ذلك مما وضع له حد أو وعيد. "و" كذلك "النقص" لهذا الحفظ وتمامه على الوجه الشرعي المطلوب.
"و" كذالك "الإبطال" لها، وهو تأكيد لقول "الإخلال" لأن هذا يستلزم ذاك، فيكون من باب عطف العام على الخاص. "لاكن" يجب أن يعلم أن "كلا الضربين" المذكورين، وهما المصالح، والمفاسد، ليس على درجة واحدة، إذ "منه ما يرى" أي يبصر ويعلم أنه "أصل صلاح" للخلق "أو "يرى أنه أصل "فساد للورى" أي الناس بل للخلق. وذاك كإحياء النفس في المصالح، وقتلها في المفاسد.
"و" منه ما ليس كذلك لكنه هو "مما" أي الذي يحصل "به" أي بسبب فعله "الكمال للفساد" كالوسائل المفضية إلى الوقوع في الأفعال المخلة بحفظ تلك الضروريات - كالنظر إلى الاجنبية - "أو" يحصل به "الكمال للصلاح الباد" أي الظاهر قصد الشارع إليه وهو صلاح الخلق، ومن ذلك التماتل في القصاص، فإنه لا تدعو إليه ضرورة، ولا تظهر فيه شدة حاجة ولكنه تكميلي، وشكله في هذا الشأن الصلاة في الجماعة في الفرائض، والسنن، وصلاة الجمعة، وما أشبه، وقد تقدم أمثلة ذلك وبحث شأنه.