"و" لكن "أصل" وقاعدة منع التكليف بـ "ما ليس يطاق يشهد" ويدل على "أن ليس تكليف عليه" أي على من هذا حاله، وهو عدم الاستطاعة لذلك "يرد" شرعا بذلك.
"و" يعارض هذا الأصل في هذا الموضع "الأصل" الجاري "في تقديم ما قد عما" - الألف للإطلاق - إذا كان "مصلحة" فهذا الأصل يقتضي و "يلزم ذاك الحكما" المتقدم وهو أي أن من هذا حاله مكلف بما ذكر. وتوارد هذين الأصلين المتعارضين من حيث المقتضى على هذا الموضع هو موجب الخلاف المذكور فيه. "و" الأخذ بمقتضى إسقاط الحظوظ يرجح مقتضى هذا الأصل الأخير، وبذلك فـ "حيث" يعتبر "إسقاط الحظوظ" ويعمل بموجبه فإنه "رجح" وتغلب جهة رعاية "مصلحة العموم" على جهة المصلحة الخاصة "وهي" أي مصلحة العموم - المصلحة العامة - المذكورة "توضح" أي تظهر راجحة بأمرين أحدهما: "بأصل الإيثار الذي تقدما" - الألف للإطلاق - ذكر في المسألة الخامسة، فمثل هذه المسألة داخلة تحت حكمه.
"و" ثانيهما: "ما أتى في ذاك" الإيثار حال كونه "نصا محكما" متقنا، ومعمولا به في الذي دل عليه من حكم. من ذلك قصة أبي طلحة الذي صير نفسه وقاية وترسا للنبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد، وكان - عليه الصلاة والسلام - يتطلع ليرى القوم، فيقول له أبو طلحة: لا تشرف يا رسول الله يصيبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك. ووقى بيده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشلت. وهذا الإيثار معلوم من فعله - عليه الصلاة والسلام - فلقد فزع أهل المدينة ليلة فانطلق ناس قبل الصوت، فتلقاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راجعا، قد سبقهم إلى الصوت -، وقد استبرأ الخبر على فرس لأبي طلحة عري، والسيف في عنقه، وهو يقول:"لن تراعوا".