للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٢٥ - وَدَاخِلٌ لِمَقْصدٍ مُتَابِعْ … لِمَا عَسَى أَنْ هُوَ قَصْدُ الشَّارعْ

١٤٢٦ - مُطَّلِعًا عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَطَّلِعْ … وَذَا عَنِ الأَوَّلِ شَيْئًا اِرْتَفعْ

ذلك. لأن مصالح العباد إنما جاءت من طريق التعبد إذ ليست بعقلية حسبما تقرر في موضعه وإنما هي تابعة لمقصود التعبد فإذا اعتبر صار أمكن في التحقق بالعبودية وأبعد عن أخذ العاديات للمكلف فكم ممن فهم المصلحة فلم يلو على غيرها فغاب عن أمر الأمر بها وهي غفلة تفوت خيرات كثيرة بخلاف ما إذا لم يهمل التعبد وأيضا فإن المصالح لا يقوم دليل على انحصارها فيما ظهر إلَّا دليل ناص على الحصر وما أقله إذا نظر في مسلك العلة النصي إذ يقل في كلام الشارع أن يقول مثلا لم أشرع هذا الحكم إلَّا لهذه الحكم فإذا لم يثبت الحصر أو ثبت في موضع ما ولم يطرد كان قصد تلك الحكمة ربما أسقط ما هو مقصود أيضًا من شرع الحكم فنقص عن كمال غيره (١).

"و" الثاني من تلك لأحوال حال من هو "داخل" وهو يقصد التحصيل "لمقصد متابع" للمقصد الأصلي وهو التعبد - العبادة - "لما عسى أن" يكون "هو قصد الشارع" في ذلك العمل سواء كان هو "مطلعا عليه" أي على ذلك القصد "أو" كان "لم يطلع" عليه. وصورة ذلك أن يقول في قرارة نفسه أقصد في هذا العمل كل ما قصده الشارع منه، "و" يأتي ذاك العمل على هذه النية فإن كان على "ذا" الحال فإنه "عن" صاحب الحال "الأول" ارتقى "شيئًا" و "ارتفع" لأن قصده أوسع من قصد ذاك، لأنه يشمل كل بنيته وقصده كل ما قصده الشارع من ذلك، بخلاف ذاك الأول فإنه لم يقصد إلَّا ما علم أن الشارع قد قصده من ذلك على وجه التمام. وبذاك يفضل عليه هذا الثاني لعموم قصده، إلا أنه ربما فاته النظر إلى جهة التعبد والقصد إليه في العمل، فإن الذي ينظر إلى جهة المصلحة في العمل قد يعمل العمل قاصدا لتلك الجهة غافلا عن امتثال الأمر فيها فيشبه من عملها من غير ورود أمر له بها. والعامل على هذا الوجه عمله عادي، فيفوت قصد التعبد، وقد يستفزه فيه الشيطان فيدخل عليه قصد التقرب إلى المخلوق، أو الوجاهة عنده، أو نيل شيء من الدنيا، أو غير ذلك من المقاصد المردية بالأجر، وقد يعمل هنالك لمجرد حظه فلا يكمل أجره كمال من يقصد التعبد (٢).


(١) الموافقات ٢ ص ٢٨٣.
(٢) الموافقات ٢ - ٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>