يعني يظهر ويتجلى وبذلك "فحيث" أي في أي موضع أو في أي زمان "جاء الفعل" متصفا "بالوفاق لمقتضى" وحكم "الشرع" ومقصده المذكور "على الإطلاق" يعني في الظاهر والباطن "فذاك" فعل "لا إشكال فيه" ولا خفاء في حكمه، لأنه استجمع شرائط الصحة وتمام المطلوب به شرعا. "و" أما الفعل "الذي ظاهره" وهو ما يبدو منه للخلق "موافق" للشرع "في المأخذ" - بفتح الميم - محل الأخذ، يعني أنه موافق للشرع لأنه مأخوذ منه وذاك مطلوب شرعا فيكون موافقا للشرع من هذه الجهة. "و" لكنه "خالفتـ" ـه - أي الشرع - من جهة القصد "مصلحة الحكم" الشرعي في ذلك الفعل فالمصلحة المقصودة بهذا الحكم هنا مخالفة لما قصد شرعا بذلك الفعل من مصالح "فذا" أي هذا الفعل "ليس بمشروع و "إنما هو "مما نبذا" وطرح شرعا، والمعنى اعتباره من الأفعال وذلك "لأن الأعمال التي قد شرعت" في هذا الدين ليست مشروعة لأنفسها، وإنما "مصالح الخلق" ومنافعهم هي التي "عليها" يعني لها - أي لتحصيلها وإدراكها - قد "وضعت" شرعا تلك الأعمال، وبناء على هذا الأصل "فـ" إن "كل ما خالف هذا الوضعا" وجاء على وضع آخر مباين له "فـ" إنه "ليس" على وضع المشروعات، وبذلك فإنه "مما" لا "يستقر" أمره "شرعا" وإنما لا يستقر في الشرع أمره لأنه جاء على خلاف ما هو مقبول فيه، وما يسري عليه حكم الصحة فيه. مثال ذلك النطق بالشهادتين والصلاة وغيرها من العبادات التي شرعت للتقرب بها إلى الله - تعالى - والرجوع إليه، وإفراده بالتعظيم والإجلال، ومطابقة القلب للجوارح في الطاعة والانقياد، فإذا عمل بذلك على قصد نيل حظ من حظوظ الدنيا من دفع، أو نفع كالناطق بالشهادتين قاصدا لإحراز دمه وماله، لا لغير ذلك أو المصلي رئاء الناس ليحمد على ذلك أو ينال به رتبة في الدنيا فهذا العمل ليس بمشروع في شيء لأن المصلحة التي شرع لها ذلك العمل لم تحصل، بل المقصود به ضد تلك المصلحة.