للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٤٦ - وَأَصْلُ ذَاكَ الاتِّبَاعُ لِلْهَوَا … فَهْوَ مِنَ الأَمْرِ عَلَى غَيْرِ السَّوَا

١٤٤٧ - لِذَلِكَ الْمَقْصِدُ غَيْرُ الشَّرْعِي … يَهْدِمُ مُقْتَضَاهُ قَصْدَ الشَّرْعِ

" وأصل ذاك" كله ومنبعه هو "الاتباع لـ" دواعي "الهوا" ورعونات النفس وبذلك "فهو من "جهة "الأمر" الشرعي ومقتضاه "على غير" سبيل "السوا" أصله السواء وهو العدل والحق وإنما كان على سبيل غير الحق لأنه مخالف للأمر الشرعي في ذلك، ولهدمه المصلحة الشرعية المقصودة به شرعا. وعلى هذا نقول في الزكاة مثلا: أن المقصود بمشروعيتها رفع رذيلة الشح ومصلحة إرفاق المساكين وإحياء النفوس المعرضة للتلف. فمن وهب في آخر الحول ما له هروبا من وجوب الزكاة عليه، ثم إذا كان في حول آخر، أو قبل ذلك استوهبه فهذا العمل تقوية لوصف الشح وإمداد له ورفع لمصلحة إرفاق المساكين فمعلوم أن صورة هذه الهبة ليست هي الهبة التي ندب الشرع إليها لأن الهبة إرفاق وإحسان للموهوب له وتوسيع عليه غنيا كان أو فقيرا وجلب لمودته ومؤالفته وهذه الهبة على الضد من ذلك ولو كانت على المشروع من التمليك الحقيقي لكان ذلك موافقا لمصلحة الإرفاق والتوسعة ورفعا لرذيلة الشح فلم يكن هروبا عن أداء الزكاة (١).

و"لذلك" الذي تقدم ذكره وبيانه من أن أصل ذلك اتباع الهوى الموجب لمخالفة القصد الشرعي "المقصد غير الشرعي" ينقض و "يهدم مقتضاه" وما يترتب عليه من آثار "قصد الشرع" في الموضع الذي سير فيه على وفق ذلك، كما تقدم في شأن الاحتيال المذكور في إسقاط الزكاة.

أما القصد المشروع فإنه لا يهدم قصدا شرعيا كما في مسألة الهبة المذكورة. ومثل ما تقدم والفدية المشروعة للزوجة هربا من أن لا يقيما حدود الله في زواجهما، فأبيح للمرأة أن تشتري عصمتها من الزوج عن طيب نفس منها خوفا من الوقوع في المحظور فهذه بذلت مالها طلبا لصلاح الحال بينها وبين زوجها وهو التسريح بإحسان وهو مقصد شرعي مطابق للمصلحة لا فساد فيه حالا ولا مالا فإذا أضر بها لتفتدي منه فقد عمل هو بغير المشروع حين أضر بها لغير موجب مع القدرة على الوصول إلى الفراق من غير إضرار فلم يكن التسريح إذا طلبته بالفداء تسريحا بإحسان ولا خوفا من أن لا يقيما


(١) الموافقات ٢ ص ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>