للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٦٠ - وَعُدَّ مِنْ مَسَائِلِ التَّحَيُّلِ … إِجَازَةُ النِّكَاحِ لِلْمُحَلِّلِ

- نفعنا الله بهم - وأنما يجب أن يقال أنه أجازه بناء على تحري قصد الشارع، وأن ذلك ملحق عنده بقسم التحيل الجائز الذي علم قصد الشارع إليه.

"و" مما "عد من مسائل" هذا الضرب من "التحيل إجازة النكاح" وتصحيحه "للمحلل" - بكسر اللام - وهو الذي يتزوج المرأة لغرض تحليلها لمطلقها ثلاثا. فهذا التزوج تحيل إلى رجوع الزوجة إلى مطلقها الأول بحيلة توافق في الظاهر قول الله - تبارك وتعالى -: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] فقد نكحت المرأة هذا المحلل فكان رجوعها إلى الأول بعد تطليق الثاني موافقا ونصوص الشارع مفهمة لمقاصده بل هي أول ما يتلقى منه فهم المقاصد الشرعية وقوله عليه الصلاة والسلام لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ظاهر أن المقصود في النكاح الثاني ذوق العسيلة وقد حصل في المحلل ولو كان قصد التحليل معتبرا في فساد هذا النكاح لبينه عليه الصلاة والسلام ولأن كونه حيلة لا يمنعها وإلا لزم ذلك في كل حيلة كالنطق بكلمة الكفر للإكراه وسائر ما يدخل تحت القسم الجائز باتفاق فإذا ثبت هذا وكان موافقا للمنقول دل على صحة موافقته لقصد الشارع وكذلك إذا اعتبرت جهة المصلحة فمصلحة هذا النكاح ظاهرة لأنه قد قصد فيه الإصلاح بين الزوجين إذ كان تسببا في التآلف بينهما على وجه صحيح ولأن النكاح لا يلزم فيه القصد إلى البقاء المؤبد لأن هذا هو التضييق الذي تأباه الشريعة ولأجله شرع الطلاق وهو كنكاح النصارى وقد أجاز العلماء النكاح بقصد حل اليمين من غير قصد إلى الرغبة في بقاء عصمة المنكوحة وأجازوا نكاح المسافر في بلدة لا قصد له إلَّا قضاء الوطر زمان الإقامة بها إلى غير ذلك.

وأيضا لا يلزم إذا شرعت القاعدة الكلية لمصلحة أن توجد المصلحة في كل فرد من أفرادها عينا حسبما تقدم كما في نكاح حل اليمين والقائل إن تزوجت فلانة فهي طالق على رأي مالك فيهما وفي نكاح المسافر وغير ذلك. هذا تقرير بعض ما يستدل به من قال بجواز الاحتيال هنا وأما تقرير الدليل على المنع فأظهر فلا نطول بذكره وأقرب تقرير فيه ما ذكره عبد الوهاب في شرح الرسالة فإليك النظر فيه (١).


(١) الموافقات ج ٢/ ص ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>