للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٦١ - وَكَمْ بِهَذَا الْقِسْمِ مِنْ مَسَائِلْ … وَالْخُلْفُ فِيهَا وَاضِحُ الدَّلَائِلْ

" وكم" يوجد "بهذا القسم" أي هذا الضرب الذي نحن فيه "من مسائل" فقهية منظومة فيه "والخلف" بين أهل العلم "فيها" يعني في أحكامها "واضح" بين "الدلائل" والحجج الدالة على جريانه وثبوته فيها. ومن ذلك مسائل بيوع الآجال فإن فيها التحيل إلى بيع درهم نقدا بدرهمين إلى أجل لكن بعقدين كل واحد منهما مقصود في نفسه وإن كان الأول ذريعة فالثاني غير مانع لأن الشارع إذا كان قد أباح لنا الانتفاع بجلب المصالح ودرء المفاسد على وجوه مخصوصة فتحري المكلف تلك الوجوه غير قادح وإلَّا كان قادحا في جميع الوجوه المشروعة وإذا فرض أن العقد الأول ليس بمقصود العاقد وإنما مقصوده الثاني فالأول إذا منزل منزلة الوسائل والوسائل مقصودة شرعا من حيث هي وسائل وهذا منها فإن جازت الوسائل من حيث هي وسائل فليجز ما نحن فيه وإن منع ما نحن فيه فلتمنع الوسائل على الإطلاق لكنها ليست على الإطلاق ممنوعة إلَّا بدليل فكذلك هنا لا يمنع إلَّا بدليل إذ لم يفصل النبي عليه الصلاة والسلام.

وقول القائل إن هذا مبني على قاعدة القول بالذرائع غير مفيد هنا فإن الذرائع على ثلاثة أقسام منها ما يسد باتفاق كسب الأصنام مع العلم بأنه مؤد إلى سب الله تعالى وكسب أبوي الرجل إذا كان مؤديا إلى سب أبوي الساب فإنه عد في الحديث سبا من الساب لأبوي نفسه وحفر الآبار في طرق المسلمين مع العلم بوقوعهم فيها وإلقاء السم في الأطعمة والأشربة التي يعلم تناول المسلمين لها ومنها ما لا يسد باتفاق كما إذا أحب الإنسان أن يشتري بطعامه أفضل منه أو أدنى من جنسه فيتحيل ببيع متاعه ليتوصل بالثمن إلى مقصوده بل كسائر التجارات فإن مقصودها الذي أبيحت له إنما يرجع إلى التحيل في بذل دراهم في السلعة ليأخذ أكثر منها ومنها ما هو مختلف فيه ومسألتنا من هذا القسم فلم نخرج عن حكمه بعد والمنازعة باقية فيه، وهذه جملة مما يمكن أن يقال في الاستدلال على جواز التحيل في المسألة وأدلة الجهة الأخرى مقررة واضحة شهيرة فطالعها في مواضعها وإنما قصد هنا هذا التقرير الغريب لقلة الاطلاع عليه من كتب أهله إذ كتب الحنفية كالمعدومة الوجود في بلاد المغرب وكذلك كتب الشافعية وغيرهم من أهل المذاهب ومع أن اعتياد الاستدلال لمذهب واحد ربما يكسب الطالب نفورا وإنكارا لمذهب غير مذهبه من غير إطلاع على مأخذه فيورث ذلك حزازة في الاعتقاد في الأئمة الذين أجمع الناس على فضلهم وتقدمهم في الدين واضطلاعهم بمقاصد الشارع وفهم أغراضه وقد وجد هذا كثيرا ولنكتف بهذين المثالين فهما من أشهر

<<  <  ج: ص:  >  >>