للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٠٦ - وَمَا كَذَاكَ شَأْنُهُ وَلَمْ يَرِدْ … نَصٌّ بِهِ فَإِنَّهُ شَرْعًا قُصِدْ

١٥٠٧ - وَمَا يُرَى يُخَالِفُ الْجَمِيعَا … عَيْنًا فَلَيْسَ مَقْصَدًا مَشْرُوعَا

" و" أما "ما" هو من المقاصد "كذاك شأنه" أي إنه تابع "و" لكنه "لم يرد نص" شرعي "به" بذكره كذلك وإنما علم أَنَّهُ تابع من جهة أَنَّهُ يقوي ويثبت المقصد الأصلي "فإنه" كذلك "شرعا قصد" فيكون مثل الأول من هذه الجهة كما روي من فعل عمر بن الخطاب في نكاح أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب طلبا لشرف النسب، ومواصلة أرفع البيوتات وما أشبه ذلك. ولا شكَّ أن النكاح لمثل هذه المقاصد سائغ وأن قصد التسبب له حسن.

"و" إذا تقرر هذا يتبين أن "ما" من المقاصد "يرى يخالف" ويضاد "الجميعا" أي يعني فردا أو أكثر من جميع - ما تقدم ذكره - من المقاصد المذكورة أصلية كانت أو تبعية ويناقضها "عينا" أي بذاتها هو عمل فاسد وبذلك "فـ" إنه "ليس مقصدا مشروعا" بإطلاق، ففي العادات نورد المثال المتقدم وهو النكاح يتصور في شأنه ذلك في كل ما يؤدي إلى ضد المواصلة والسكن والموافقة.

كما إذا نكحها ليحلها لمطلقها ثلاثا، فإنه عند القائل بمنعه مضاد لقصد المواصلة التي جعلها الشارع مستدامة إلى انقطاع الحياة من غير شرط إذ كان المقصود منه المقاطعة بالطلاق، وكذلك نكاح المتعة، وكل نكاح على هذا السبيل. وهكذا العبادات - كما تقدم ذكره - فإن المقصد الأصلي فيها التوجه إلى الواحد المعبود وإفراده - سبحانه - بالقصد إليه على كل حال، ويتجع ذلك قصد نيل الدرجات في الآخرة أو ليكون من أولياء الله تعالى وما أشبه ذلك. فإن هذه التوابع مؤكدة للمقصود الأول وباعثة عليه، ومقتضية للدوام فيه سرا وجهرا بخلاف ما إذا كان القصد إلى التابع لا يقمضي دوام المتبوع ولا تأكيده، كالتعبد بقصد حفظ الدم والمال، أو لينال من أوساخ الناس، أو من تعظيمهم كفعل المنافقين والمرائين، فإن القصد إلى هذه الأمور ليس بمؤكد ولا بباعث على الدوام، بل هو مقو للترك ومكسل عن الفعل، ولذلك لا يدوم عليه صاحبه إلا ريثما يترصد به مطلوبه، فإن بعد عليه تركه قال الله - تعالى - {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ} [الحج: ١١].

<<  <  ج: ص:  >  >>