للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ذلك النوع بمثله، كالبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر، ولا يؤثر جنس هذه الأنواع وهو الطعم في جنس الربا، وهو زيادة أحد العوضين على الآخر بدليل جواز بيع الأنواع كالشعير مثلا ببعض آخر كالبر - مثلا - متفاضلا مع وجود الطعم فيهما (١). نعم، هذا هو الذي يفسر به ويحد هذان المصطلحان الأصوليان، إلا أنه من الثابت أن عبارات الأصوليين في التعبير عن قسم الوصف المناسب في باب مسالك العلة عبارات مضطربة، لكن الخطب في ذلك سهل لكونه أمرا اصطلاحيا.

وعلى كل حال - سواء سميناه - أي هذا الوصف بالمناسب الغريب، أو بالمناسب المرسل - "وهو مجال" وميدان "للنّهى" جمع نهية - بضم النون وسكون الهاء العقل - أي إعمالها لمعرفة كونها دليلا فقهيا لبناء الأحكام الفقهية على مقتضاه، وسحب حكمه على الجزئيات الصالحة لجريان حكمه عليها وعدم كونه أصلا فقهيا على الإطلاق "رحيب" واسع. وجريان النظر فيه طريقته.

فقد يقال: لا يقبل؛ لأنَّهُ إثبات شرع على غير ما عهد في مثله، والاستقراء يدل على أنه غير موجود وهذان يوهنان التمسك به على الإطلاق؛ لأنَّهُ في محل الريبة، فلا يبقى مع ذلك ظن ثبوته؛ ولأنه من حيث - لم يشهد له أصل قطعي - معارض لأصول الشرع، إذ كان عدم الموافقة مخالفة وكل ما خالف أصلا قطعيا مردود، فهذا مردود. ولقائل أن يوجه الإعمال بأن العمل بالظن على الجملة ثابت في تفاصيل الشريعة وهذا فرد من أفراده، وهو وإن لم يكن موافقا لأصل فلا مخالفة فيه أيضًا، فإن عضد الرّد عدمُ الموافقة عضد القبول عدم المخالفة، فيتعارضان ويسلم أصل العمل بالظن، وقد وجد منه في الحديث قوله عليه الصلاة والسلام: "القاتل لا يرث" وقد أعمل العلماء المناسب الغريب في أبواب القياس وإن كان قليلا في بابه فذلك غير ضائر إذا دل الدليل على صحته (٢).

وهذا الدليل هو المعبر عنه بالمصالح المرسلة وبالاستصلاح، وفي شأن الأخذ به مذاهب:


(١) ن ص/ ٤/ ٧٠، وانظر المستصفى/ ٢/ ٢٩٨.
(٢) الموافقات ٣/ ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>