للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٥١ - وَإِنْ يَكُنْ لَيْسَ يُنَافِي قَاعِدَهْ … وَلَا أَتَتْ أُخْرَى عَلَيْهِ شَاهِدَهْ

١٥٥٢ - فَبَابُهُ الْمُنَاسِبُ الْغَرِيبُ … وَهْوَ مَجَالٌ لِلنُّهَى رَحِيبُ

تعارض هذا الحديث الظني، فإن قيل: فقد أثبت مالك خيار المجلس في التمليك، قيل الطلاق يعلق على الغرر، ويثبت في المجهول، فلا منافاة بينهما بخلاف البيع.

ومن ذلك أن مالكا أهمل اعتبار حديث: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" وقوله: "أرأيتِ لو كان على أبيكِ دينٌ" الحديث لمنافاته للأصل القرآني الكلي، نحو قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)} [النجم: ٣٩] كما اعتبرته عائشة في حديث ابن عمر، وأنكر مالك حديث إكفاء القدور التي طبخت من الإبل والغنم قبل القسم تعويلا على أصل رفع الحرج الذي يعبر عنه بالمصالح المرسلة، فأجاز أكل الطعام قبل القسم لمن احتاج إليه. قاله ابن العربي. ونهى عن صيام ست من شوال مع ثبوت الحديث فيه، تعويلا على أصل سد الذرائع. ولم يعتبر في الرضاع خمسا ولا عشرا؛ للأصل القرآني في قوله: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣] وفي مذهبه من هذا كثر (١).

هذا إذا كان ذلك الدليل الظني يعارض أصلا قطعيا، ولم يعضد بأصل آخر.

"و" أما "إن يكن ليس ينافي" ولا يعارض "قاعدة" أي أصلا شرعيا قطعيا "ولا أتت" قاعدة "أخرى عليه" يعني على صحته وثبوته شرعا "شاهدة" ودالة "فـ"ـهو محل للنظر والاجتهاد و"بابه" باب "المناسب الغريب" هكذا قال الشاطبي وتبعه الناظم، ولكن المعروف عند الأصوليين أن النوع هذا يسمى المناسب المرسل.

قال السبكي في الابهاج "أن لا يعلم أن الشارع اعتبره، ولا ألغاه. وذلك هو المناسب المرسل" (٢).

وأما المناسب الغريب فهو الذي لم يشهد له غير أصله المعين باعتباره كالطعم في الربا فإن كل واحد من نوع الطُّعم يؤثِّر في نوع من الأحكام وهو حرمة الربا، إذا بيع


(١) الموافقات ٣/ ١٥ - ١٦.
(٢) ج ٤/ ٦٨ - انظر المحصول ٢/ ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>