للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

رؤية الله تعالى في الآخرة بأدلة قرآنية وسنية تبلغ القطع ولا فرق في صحة الرؤية بين الدنيا والآخرة وردّت هي وابن عباس خبر أبي هريرة في غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء استنادا إلى أصل مقطوع به وهو رفع الحرج وما لا طاقة به عن الدين فلذلك قالا فكيف يصنع بالمهراس وردّت أيضًا خبر ابن عمر في الشؤم وقالت إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن أقوال الجاهلية لمعارضته الأصل القطعي أن الأمر كله لله وأن شيئًا من الأشياء لا يفعل شيئًا ولا طيرة ولا عدوى ولقد اختلفوا على عمر بن الخطاب حين خرج إلى الشام فأخبر أن الوباء قد وقع بها فاستشار المهاجرين والأنصار فاختلفوا عليه إلا مهاجرة الفتح فإنهم اتفقوا على رجوعه فقال أبو عبيدة أفرارا من قدر الله فهذا استناد في رأي اجتهادي إلى أصل قطعي قال عمر لو غيرك قالها يا أبا عبيدة نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله فهذا استناد إلى أصل قطعي أيضًا وهو أن الأسباب من قدر الله ثم مثل ذلك برعي العدوة المجدبة والعدوة المخصبة وأن الجميع بقدر الله ثم أخبر بحديث الوباء الحاوي لاعتبار الأصلين. وفي الشريعة من هذا كثير جدا وفي اعتبار السلف له نقل كثير (١).

وهذا الذي عليه السلف في هذه المسألة هو الذي تقرر أنه "أصل لها" وهو أصل "معتمد" ومعتد به "عند الخلف" من العلماء في شأنها فقد اعتمده مالك بن أنس في مواضع كثيرة لصحته في الاعتبار. ألا ترى إلى قوله في حديث غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا: "جاء الحديث ولا أدري ما حقيقة؟ " وكان يضعفه ويقول: "يُؤكل صيده فكيف يكره لعابه" (٢)؟

وإلى هذا المعنى يرجع قوله في حديث خيار المجلس حيث قال بعد ذكره: وليس لهذا عندنا حد معروف ولا أمر معمول به فيه (٣) إشارة إلى أن المجلس مجهول المدة ولو شرط أحد الخيار مدة مجهولة لبطل إجماعا، فكيف يثبت بالشرع حكم لا يجوز شرطا بالشرع؟ فقد رجع إلى أصل إجماعي. وأيضا فإن قاعدة الغرر والجهالة قطعية، وهي


(١) الموافقات ٣/ ١٤ - ١٥.
(٢) المدونة الكبرى ١/ ٦.
(٣) الاستذكار ٢٠/ ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>