للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٤٩ - وَمَثَّلُوا ذَاكَ بِذِي يَسَارِ … يُؤْمَرُ أَنْ يَصُومَ فِي الظِّهَارِ

١٥٥٠ - وَهَذِهِ مَسْأَلُةٌ قَوْلُ السَّلَفْ … أَصْل لَهَا مُعْتَمَدٌ عِندَ الْخَلَفْ

وثانيهما: أنه ليس له ما يشهد بصحته، وما هو كذلك ساقط الاعتبار.

"ومثلوا" أي العلماء "ذاك بذي" أي صاحب "يسار" أي غنى وقدرة على إعتاق رقبة "يؤمر" يعني يفتى له بـ"ـأن يصوم في "كفارة "الظّهار" - بكسر الظاء المعجمة المشالة - وهو عند المالكية: تشبيه مسلم من تحل له أو جزءها بظهر محرم أو جزئه والذي نقل عنه أنه أفتى بالصوم ابتداء هو يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي، فقد ذكر نقلة الأخبار أن أمير الأندلس عبد الرحمن بن معاوية الأموي المعروف بعبد الرحمن الداخل واقع جارية له في رمضان عمدا، ثم ندم ندما شديدا، فسأل الفقهاء عن توبته وكفارته فأفتاه الفقيه المذكور - يحيى بن يحيى - بصوم شهرين متتابعين. فلما أفتاه بذلك سكت بقية الفقهاء الحاضرين في ذلك المجلس إجلالا له. وإنما أفتاه بهذا نظرا إلى حاله المناسب، ولذلك لما قال له من حضر من الفقهاء بعد خروجهم من ذلك المجلس لم تفته بمذهب مالك قال لهم: لو أمرته بذلك لسهل عليه واستحقر عتق رقبة في قضاء شهوة، فكانت المصلحة عندي في إيجاب الصوم لينزجر. وقد ذهب العلماء إلى بطلان هذه الفتوى لأن الشارع أثبت في هذا المحل التخيير بين الصوم والإطعام والإعتاق. ورفع ما قضى به الشارع بدعوى اتباع مصلحة ملغاة شرعا أمر باطل، وساقط اعتباره، وقد وجه بعضهم قول يحيى هذا بأنه مبني على أصل سد الذريعة. وهذا أيضًا باطل، لأن ذلك ملغى اعتباره في هذا المحل.

"وهذه" المسألة - وهي إسقاط هذا الظني - وهو الظني المعارض لأصل قطعي ولم يعضد بأصل - وعدم اعتباره "مسألة" المعتمد عليه في الأخذ بمقتضاها والجريان عليه هو "قول السلف" وعمله، فقد ردت عائشة - رضي الله عنها - حديث "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه" بهذا الأصل نفسه لقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)} [النجم: ٣٩] وردّت حديث رؤية النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الإسراء لقوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: ١٠٣] وإن كان عند غيرها غير مردود لاستناده إلى أصل آخر لا يناقض الآية وهو ثبوت

<<  <  ج: ص:  >  >>