كان "وترك ما قد قل" بالكلية "أو تقليله" وذلك "حسبما كان لهم" أي للسلف الصالح "تحصيله" - فيه إضافة المصدر إلى المفعول - والأصل تحصيلهم إياه أي فعلهم له، فإن كانوا يأتونه على قلة، فإنه يؤتى علة قلة، وإن كانوا قد تركوه بالكلية فإنه يصار إلى تركه كذلك وتفاصيل هذا الموضوع تراجع في الأصل - الموافقات -. هذا بيان الضرب الأول من هذا القسم وحكمه. "و" أما "ضربه الثاني" فإنه "على خلاف ما" أي الذي قد "مر في" الضرب "الأول من أوصاف" فهذا الضرب الثاني لا يتبين فيه وجه يكون سببا للقلة فيه "لكنه يأتي على وجوه" وصور "يذكر منها البعض" أي بعضها "للتنبيه" والتمثيل، وذلك "كأن يرى" ذلك العمل المؤتى به على قلة "في نفسه" وبمقتضى دلالته ومعناه "محتملا" - بكسر الميم - لمعنيين مختلفين، فيختلف فيه أهل العلم لذلك، ويذهب كل مجتهد في شأنه إلى ما ظهر له فيه أنه الصواب، "أو" كان "أصله" غير ثابت بأن كان "مما به" أي فيه - يعني ثبوته "الخلف" بين أهل العلم "انجلا" وظهر، وذلك "مثل سجود الشكر" فإن كونه أمرا ثابتا في الشريعة مختلف فيه، وقد جنح جمع من أهل الحديث والآثار إلى نصرة كونه من الشريعة، وأنه سنة ثابتة وأنكر مالك ذلك كما سيأتي ذكره، وهذا المثال راجع لقوله:"أصله مما به الخلف انجلا".
"و" كذلك "القيام لـ"ـشخص ما "داخل" وذلك "بنية الإكرام" والتعظيم، فإن العمل المتصل تركه، فقد كانوا لا يقومون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقبل عليهم وكان يجلس حيث ينتهي به المجلس ولم ينقل عن الصحابة عمل مستمر ولو كان لنقل حتى روى عن عمر بن عبد العزيز أنه لما استخلف قاموا له في المجلس فقال إن تقوموا نقم وإن تقعدوا نقعد وإنما يقوم الناس لرب العالمين فقيامه صلى الله عليه وسلم لجعفر ابن عمه وقوله "قوموا لسيدكم" إن حملناه على ظاهره