" وثم أقسام " يعني وجوها غير ما ذكر "بذا" أي بهذا "الضرب" الثاني الذي نحن فيه "أخر" كأن يكون الصحابي جاهلا بحكم المسألة، فيعمل ما يوجب عليه الفعل كالمرأة التي نذرت أن تضرب الدف على رأس رسول الله - صلى الله صلى الله عليه وسلم - إن رجع سالما من غزوة تبوك، فرحا، وابتهاجا، فأذن لها في ذلك، وهذا ما نقل أن أحدا أتاه سواها. وغير ذلك من الأقسام التي يمكن أن تكون وجوها لهذه القلة - قلة العمل، وكل ذلك يقرر فيه الحكم ويبنى "بحكم" ومقتضى "ما قرر" في الوجوه المتقدمة، فإن ذلك الذي قرر "منه" أي من ذلك الحكم هو الذي به "تعتبر" ويعرف حكمها. ويصح قوله "منه" بمعنى فيه، ويكون الضمير للضرب - أي في هذا الضرب من الحكم هو الذي يجري عليه فيما لم يذكر من تلك الأقسام.
"و" بسبب ذلك فإنه "ينبغي" للعامل "فيه" أي في هذا الضرب، كما في الذي قبله "تحري" وقصد "العمل" الذي "بوفق" ومطابقة "ما استمر" أو كان أكثريا "عند" الرعيل "الأول" من المؤمنين وهم الصحابة والتابعون.
"و" أما "ما" أي الذي "يقل" من العمل إتيانه "فاقصر" - الألف بدل نون التوكيد الخفيفة - أي احصر "انتهاجه" أي العمل على وفقه، أو اتباعه، أي اقصر العمل على وفقه أو اتباعه "على ضرورة" كما تقدم في المسح على الناصية والعمامة في الوضوء "ومس حاجة" كما تقدم في شأن ترك ادخار لحوم الأضاحي.
وذلك "إن" كان حاله "اقتضى التخيير فيه" أي في العمل به بحيث يكون قد ثبت "واستقل" دليلا يصح الاستدلال به والاحتجاج "وكان مأمونا" بأن لم يخف من جهة المكلف "به" يعني بفعله "نسخ العمل" به، فإن كان المكلف على خوف من أنه قد نسخ العمل به، فإنه يجب عليه تركه بالكلية.