للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٤٨ - أَوْ كَانَ رَأْيًا لِصَاحِبِيٍّ صَدَرْ … عَنْهُ وَلَمْ يَتْلُهُ فِيهِ مَنْ غَبَرْ

١٦٤٩ - أَوْ كَانَ مَعْمُولًا بِهِ ثُمَّ ارْتَفَعْ … وَصَارَ مَا شَاعَ السَّبِيلَ الْمُتَّبَعْ

" أو كان" ذلك العمل الذي قل "رأيا لصاحبي صدر عنه" وفعله "ولم يتله" أي يتابعه "فيه" أحد مـ "ـمن غبر" أي ذهب من الصحابة إذا كان في زمانه - عليه الصلاة والسلام - ولم يعلم به فيجيزه أو يمنعه لأنه من الأمور التعبدية البعيدة عن الاجتهاد كما روي عن أبي طلحة الأنصاري أنه أكل بردا وهو صائم في رمضان فقيل له أتأكل البرد وأنت صائم فقال إنما هو برد نزل من السماء نطهر به بطوننا وإنه ليس بطعام ولا شراب قال الطحاوي ولعل ذلك من فعله لم يقف النبي عليه الصلاة والسلام عليه فيعلمه الواجب عليه فيه (١).

وهذا هو الوجه الرابع.

"أو كان" ذلك العمل الذي قل "معمولا به ثم ارتفع" ونسخ فترك العمل به جملة "وصار ما شاع" وانتشر ومشى عليه عمل الناس كثيرا هو "السبيل المتبع" والطريق المسلوك، فكان من الواجب في مثله الوقوف على الأمر العام.

ومثاله حديث الصيام عن الميت فإنه لم ينقل استمرار عمل به، ولا كثرة، فإن غالب الرواية فيه دائرة على عائشة وابن عباس، وهما أول من خالفاه. فروى عن عائشة أنها سئلت عن امرأة ماتت وعليها صوم، فقالت: أطعموا عنها وعن ابن عباس قال: لا يصوم أحد عن أحد. قال مالك: ولم أسمع أحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا من التابعين بالمدينة أمروا أحدا أن يصوم عن أحد، ولا أن يصلي أحد عن أحد، وإنما يفعل ذلك كل أحد عن نفسه فهذا إخبار بترك العمل دائما في معظم الصحابة ومن يليهم.

وهو الذي عول - مالك - عليه في المسألة، كما أنه عول عليه في جملة عمله (٢).

ولما أخذ مالك بما عليه الناس وطرح ما سواه، انضبط له الناسخ من المنسوخ على يسر والحمد لله.


(١) الموافقات ٣/ ٥٠.
(٢) انظر الأصل - الموافقات/ ٣/ ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>