" و" أما إن كان أخذه له "حيثما" - ما زائدة - يعني في الموضع الذي فيه "الوقوع" مستحضر في الاعتبار وهو "قيد الحكم" فيه فإنه "لا يصح الاستدلال بـ" الدليل "الذي خلا" الاستدلال به في الصورة المتقدمة، وهو الدليل المقتضي للحكم الأصلي، بل يجب اعتبار مقتضى صورة ذلك الوقوع حتى يتقيد دليل الإطلاق بالأدلة المقتضية لاعتبارها وذلك بأن يقال مثلا النكاح مباح إلا لمن خشي العنت فإنه واجب عليه، وذلك بموجب الأدلة القاضية بذلك كأدلة تحريم الزنا، وأدلة رفع المشقة، والضرر.
"فمقتضى قيد الوقوع" الذي يجب حصول الفعل على صورة مخصوصة هو الذي "بينا" - الألف للإطلاق - أنه يجب "تنزيله" أي الدليل "على مناط" بفتح الميم - أي وصف يتعلق به الحكم "عينا" أي معين كاللهو في الصيد، ومخافة العنت في ترك النكاح، وتمليك المسلم - للكافر في البيع، وما أشبه ذلك من العوارض التي تطرأ على المحل، فتوجب تنزيل الحكم فيه على وفق مقتضاها، "و" بذلك يكون "لازم" المناط "المعيّن المواقع" يعني موقعه - أي مواضعه التي وقع فيها وجوده -، هو "أخذ الدليل بـ" أي مع "اعتبار" واستحضار مقتضى "الواقع" بالنسبة لكل نازل.
فقول الله - تعالى -: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النسَاء: ٩٥] الآية، لما نزلت أولا كانت مقررة لحكم أصلي منزل على مناط أصلي من القدرة وإمكان الامتثال وهو السابق فلم ينزل حكم أولى الضرر ولما اشتبه ذو الضرر ظن أن عموم نفي الاستواء يستوي فيه ذو الضرر وغيره، فخاف من ذلك وسأل الرخصة، فنزل {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}[النِّسَاء: ٩٥] ولما قال عليه الصلاة والسلام: "من نوقش الحساب عذب" بناء على تأصيل قاعدة أخروية، سألت عائشة عن معنى قول الله عزّ وجلّ {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨)} [الانشقاق: ٨] لأنه يشكل دخوله تحت عموم الحديث فبين عليه الصلاة والسلام أن ذلك العرض لا الحساب المناقش فيه، وقال عليه الصلاة والسلام:"من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه" إلخ، فسألته عائشة عن هذه الكراهية هل هي الطبيعية أم لا فأخبرها أن لا وتبين مناط الكراهية المرادة وقال الله تعالى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البَقَرَة: ٢٣٨] تنزيلا على