وكذلك من هذا الضرب الذي تخدمه الجبلة ما هو مطلوب "أو مقتضى مكارم الأخلاق" ومحاسن الشيم ثابت "له" ومستقر فيه "وحكم العقل" السليم "ذو" أي صاحب "وفاق" - بكسر الواو - أي موافقة له، وذلك "كالستر للعورة" مغلظة كانت أو مخففة "أو"- بمعنى الواو - أي و "حفظ" وصون "الحرم" - بضم الحاء وفتح الراء جمع حرمة - وهي ما وجب القيام به، والذود عنه وحرم التفريط فيه كالأعراض، والكرامة وهذا يعد من محاسن الأخلاق ومكارم الشيم إنما يكون داخلا في هذا الضرب إذا كان بلا منازع طبيعي، و"لا" يعد من الضرب إذا كان قد حصل "مع منازع من الطبع" والجبلة "حكم" وغلب، وذلك كالزنا ونحوه مما يصد فيه الطبع عن موافقة الطلب الشرعي، والعقلي.
وهذا الضرب الذي تخدمه الجلبة جامحة إليه، لم يتأكد فيه الطلب الشرعي الأصلي، ولذلك "فبابه" لأجل هذه الخصوصية القائمة به "الشرع به" أي فيه "قد يكتفي" ويستغني "في طلب" ما انطوى فيه من الجزئيات "بـ" الطلب غير الجازم اعتمادا في تحصيل ذلك على "ما به" مقتضى "الطبع" والجبلة والعادات الجارية من العقلاء "يفي" من الدفع والإلزام إلى تحصيل ذلك، فالطلب الشرعي الأصلي في هذا الباب لا يتأكد تأكيد غيره إحالة من الشارع فيه على الوازع الباعث على الموافقة دون المخالفة، "لذلك لم يضع على المخالفة" للطلب الشرعي في هذا الباب "حدا" من جلد أو غيره يزجر "به" و "يردع من قد خالفه" وترك العمل به، زيادة على ما أخبر به من الجزاء الأخروي، ومن هنا يطلق كثير من العلماء على تلك الأمور أنها سنن أو مندوب إليها أو مباحات على الجملة مع أنه لو خولف الأمر والنهي فيها مخالفة ظاهرة لم يقع الحكم على وفق ذلك المقتضى كما جاء في قاتل نفسه أنه يعذب في جهنم بما قتل به نفسه وجاء في مذهب مالك أن من صلى بنجاسة ناسيا فلا إعادة عليه إلا استحسانا ومن صلى بها عامدا أعاد أبدا من حيث خالف