للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٣٩ - أَمَّا الصَّرِيحُ فَلَهُ اعْتِبَارُ … بِمَلْحَظَيْنِ لَهُمَا اسْتِقْرَارُ

١٨٤٠ - وَالأَوَّلُ الأَخْذُ لَهُ مُجَرَّدَا … مِنْ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ حَيْثُ وَرَدا

١٨٤١ - وَمُقْتَضَاهُ الْمَيْلُ مَعْ مُجَرَّدِ … صِيَغَ الأَلْفَاظِ إِلَى التَّعَبُّدِ

مدلول عليه بألفاظ غير موضوعة للدلالة عليه. "أما الصريح" منهما أمرا كان أو نهيا "فله" في مجرى النظر الفقهي "اعتبار" واعتداد من جهة أخذ الأحكام الشرعية منه وطريقة ذلك "بملحظين" أي نظرين مختلفين "لهما" في بنية وطريقة التفقه في هذا الدين "استقرار" وثبوت. و"الأول" من هذين الملحظين - النظرين هو "الأخذ له" أي لذلك الصريح مقتصرا فيه على المعنى الذي دل عليه بدلالته اللغوية الظاهرة "مجردا من" اعتبار "مقتضى" وموجب "التعليل" المصلحي أو غيره مما يعلل به القياسيون "حيث وردا" "ومقتضاه" أي هذا النظر - الملحظ - هو "الميل" المحض، ولا فرق عند صاحب هذا النظر بين أمر وأمر ولا بين نهي ونهي من حيث قوة دلالتها على الأحكام، ودرجات ذلك، والوقوف "مع مجرد" ظواهر "صيغ الألفاظ" وصرف ذلك "إلى" أنه من باب "التعبد" فقوله - تعالى - {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} وقوله - عليه الصلاة والسلام - "اكلفوا من العمل ما تطيقون" وقوله - تعالى - {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ} وقوله - سبحانه -: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} وقوله - عليه الصلاة والسلام - "ولا تصوموا يوم الفطر ويوم النحر" وقوله: "لا تواصلوا" وما أشبه ذلك مما يفهم منه التفرقة بين منازل الطلب الشرعي الوارد في هذه المواطن، كل ذلك عنده سواء والجريان على مقتضى هذا النظر هو مذهب الظاهرية.

قال أبو سليمان - يعني داود بن علي الظاهري - وجميع أصحابه - رضي الله عنهم -: لا يفعل الله - تعالى - شيئا من الأحكام وغيرها لعلة أصلا بوجه من الوجوه فإذا نص الله - تعالى - أو رسوله على أن الأمر كذا لسبب كذا أو من أجل كذا، ولأن كذا أو لكذا، فإن ذلك كله ندري أنه جعله الله سببا لتلك الأشياء في تلك المواضع التي جاء النص بها فيها.

ولا توجب تلك الأسباب شيئا من تلك الأحكام من غير تلك المواضع البتة. قال أبو محمد: "وهذا هو ديننا الذي ندين به، وندعو عباد الله تعالى إليه، ونقتنع على أنه الحق عند الله تعالى" (١).


(١) الأحكام ٨/ ٥٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>