للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بالحكم التبعي، وبالقصد الثاني لا بالقصد الأول. "فإذا كان غاصبا فهو ضامن للرقاب لا للمنافع وإنما يضمن قيمة الرقبة يوم الغصب لا بأرفع القيم لأن الانتفاع تابع فإذا كان تابعا صار النهي عن الانتفاع تابعا للنهي عن الاستيلاء على الرقبة فلذلك لا يضمن قيمة المنافع إلا على قول بعض العلماء بناء على أن المنافع مشاركة في القصد الأول والأظهر أن لا ضمان عليه لعموم قوله عليه الصلاة والسلام الخراج بالضمان وسبب ذلك ما ذكر من أن النهي عن الإنتفاع غير مقصود لنفسه بل هو تابع للنهي عن الغصب وإنما هو شبيه بالبيع وقت النداء فإذا كان البيع مع التصريح بالنهي صحيحا عند جماعة من العلماء لكونه غير مقصود في نفسه فأولى أن يصح مع النهي الضمني وهذا البحث جار في مسألة ما لا يتم الواجب إلا به هل هو واجب أم لا فإن قلنا غير واجب فلا إشكال وإن قلنا واجب فليس وجوبه مقصودا في نفسه وكذلك مسألة الأمر بالشيء هل هو نهي عن ضده والنهي عن الشيء هل هو أمر بأحد أضداده فإن قلنا بذلك فليس بمقصود لنفسه فلا يكون للأمر والنهي حكم منحتم إلا عند فرضه مقصودا بالقصد الأول وليس كذلك وأما إذا كان متعديا فضمانه ضمان التعدي لا ضمان الغصب فإن الرقبة تابعة فإذا كان كذلك صار النهي عن إمساك الرقبة تابعا للنهى عن الاستيلاء على المنافع فلذلك يضمن بأرفع القيم مطلقا ويضمن ما قل وما كثر وأما ضمان الرقبة في التعدي فعند التلف خاصة من حيث كان تلفها عائدا على المنافع بالتلف بخلاف الغصب في هذه الأشياء" (١). والجزئيات التي يختلف فيها ضمان الغصب عن ضمان التعدي كثيرة، وذو الرغبة في الاطلاع عليها يلزمه الرجوع إلى كتب الفروع وقد اعتاد المالكية في مجاري كلامهم في هذه المسألة تقديم الكلام على غصب الذوات على الكلام على غصب المنافع، وذكر أحكام الصور التي تتعلق بكل واحد منهما بالتفصيل، ومن اطلع على ذلك علم ما يفترق فيه ضمان الغصب عن ضمان التعدي، ومن ذلك غلة المغصوب، والمعروف في حكمها، عند المالكية هو التفصيل، وجريان الخلاف بينهم في ذلك هو الخراج، والاستخدام. هذا عند من يفرق بين غصب الذات، وغصب المنفعة. "و" أما "من يسوي" بينهما، ويرى أن غصب المنفعة وغصب الذات سيان في الأحكام المرتبة عليهما، "فـ" انه قد بنى مذهبه في هذا الشأن وخرجه "على مسالك" أي


(١) الموافقات ٣/ ١٣١/ ١٣٢/ ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>