للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩١٣ - مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْمَعْنَى الانْفِرَادَ … بَاقٍ فَصَارَ مَوْضِعَ اجْتِهَادِ

ليس للانفراد ولو في سلب الانفراد ونهى عن الخليطين في الأشربة لأن لاجتماعهما تأثيرا في تعجيل صفة الإسكار (١).

وكما ان للاجتماع تأثير لا يحصل في حالة الافتراق، كذلك شأن الافتراق فإن له تأثيرا معتبرا من جهة أخرى، فإنه إذا كان للاجتماع معان لا تكون في الافتراق فللافتراق - أيضا - معان لا تزيلها حالة الاجتماع: فالنهي عن البيع والسلف مجتمعين قضى بأن لافتراقهما معنى هو موجود حالة الاجتماع، وهو الانتفاع بكل واحد منهما، إذ لم يبطل ذلك المعنى بالاجتماع، ولكنهما نشأ بينهما معنى زائد لأجله وقع النهي، وزيادة المعنى في الاجتماع لا يلزم أن يعدم معاني الانفراد بالكلية ومثله الجمع بين الاختين وما في معناه مما ذكر من الأدلة.

وأيضا فإذا كانت تحصل معان في حال اجتماع أشياء معينة، فإن خواض تلك الاشياء منفردة لا يلزمها ذلك الاجتماع، فإن لكل واحد من المجتمعين معاني لو بطلت لبطلت معاني الاجتماع بمنزلة الأعضاء مع الإنسان فإن مجموعها هو الإنسان ولكن لو فرض اجتماعها من وجه واحد أو على تحصيل معنى واحد لبطل الإنسان بل الرأس يفيد ما لا تفيده اليد، واليد تفيد ما لا تفيده الرجل، وهكذا الأعضاء المتشابهة كالعظام، والعصب والعروق وغيرها. فإذا ثبت هذا فافهم مثله في سائر الاجتماعات.

فالأمر بالاجتماع والنهي عن الفرقة غير مبطل لفوائد الافراد حالة الاجتماع، فمن حيث حصلت الفائدة بسبب الاجتماع، فهي حاصلة من جهة الافتراق - أيضا - حالة الاجتماع، وليس بسبب الاجتماع وحده.

وإذا تقرر هذا وهو ان خواص الاشياء مفردة لا تزال بالاجتماع شإنه إذا وقع الاجتماع في شيئين يصح استقلال كل واحد منهما بحكم فإنه يصح ان يعتبر من جهة الاجتماع، ومن جهة الافراد، "و" بذلك كان "الخلف" بين أهل العلم في ذلك "من" الأمر "المعهود" المعروف وذلك "من حيث ان معنى الانفراد باق" لم يزله الاجتماع، والاجتماع ثابت وهو يعارض حكم الانفراد "فصار" هذا الموضع بهذا التعارض بين مقتضى الافراد ومقتضى الاجتماع "موضع اجتهاد" ونظر، ولا يمكن اعمال قاعدة


(١) الموافقات ٣/ ١٤٤/ ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>