القرآن، أو سميت بذلك لأنها علامة لانقطاع كلام من كلام "أنزله" سبحانه وتعالى "مفصل" - بفتح الصاد و كسرها - فهو بالفتح بمعنى موضح مبين "الأحكام" فيكون فيه إضافة الصفة للموصوف - يعني أن أحكامه مبينة لا خفاء فيها ولا إجمال ولا انبهام - وبالكسر بمعنى أنه موضح ومبين للأحكام الشرعية على صفاء تام لا يعتريه غبش ولا يخالطه كدر "مبين" - بالفتح والكسر - "الحلال" فهو بالفتح بمعنى مبين ما حكم عليه فيه بأنه الحلال المباح "و" كذلك ما حكم عليه فيه بأنه "الحرام" المحظور، وبالكسر بمعنى أنه مبين ما هو الحلال وما هو الحرام موضح له على صفاء ونقاء. "صادعة" ناطقة بجهر "آياته" أي الكتاب - القرآن الكريم - "بصدقه" - عليه الصلاة والسلام - "و" شاهدة "فضله" العظيم" على جميع خلقه" تعالى ومن ذلك قوله سبحانه: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٤٥) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (٤٦)} [الأحزاب: ٤٥، ٤٦]. وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧] وغير ذلك من الآيات الواردة في هذا المعنى وهي كثيرة جدًّا.
"فأكمل" سبحانه "الدين به" يعني بإرساله وبعثه "لـ" هذه "الأمة" المسلمة "متمما" ومكملا "عليهم للنعمة" قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣]. هذا "وإن في العجز" القائم بالثقلين "عن الإتيان" والمجيء "بمثله؛ أي بمثل هذا القرآن"لأعظم"ما يصح أن يطلق عليه لفظ القرآن "البرهان" وأجله. "وإذ" أي وحين "أقر" صلى الله عليه وسلم أي ثبت قواعد وأركان "الشرع" ورسخ أصوله "أصلا أصلا" وبين أحكامه حكما حكما "خير" - بضم الخاء مبنيا للمفعول - أي خيره الله سبحانه وتعالى - بين الحياة والموت "فاختار" عليه الصلاة والسلام - "الرفيق الأعلى" وهو الجنة لأنها المحل الذي تحصل له فيه المرافقة مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، أو مع جبريل وميكائيل وإسرافيل.