للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٧ - وَبَقِيَ الهُدَى لِبَاقِي أُمَّتِهِ … فِي مُقْتَضَى كِتَابِهِ وَسُنَّتِهِ

١٨ - عَلَيْهِ مِنْ بَاعِثِهِ بِالحِكْمَةِ … أَزْكَى الصَّلَاةِ وَأَعَمُّ الرَّحْمَةِ

١٩ - وَبَعْدُ فَالعِلْمُ حَيَاةٌ ثَانِيَةْ … لَهَا دَوَامٌ وَالجُسُومُ فَانِيةْ

قال الحافظ ابن حجر: "وزعم بعض المغاربة أنه يحتمل أن يراد بالرفيق الأعلى الله - عَزَّ وَجَلَّ - لأنَّهُ من أسمائه كما أخرج أبو داود من حديث عبد الله بن مغفل رفعه "أن الله رفيق يحب الرفق" كذا اقتصر عليه، والحديث عند مسلم عن عائشة فعزوه إليه أولى. قال والرفيق يحتمل أن يكون صفة ذات كالحكيم، أو صفة فعل، قال: ويحتمل أن يراد به حضرة القدس، ويحتمل أن يراد به الجماعة المذكورون في آية النساء. ومعنى كونهم رفيقا تعاونهم على طاعة الله وارتفاق بعضهم ببعض، وهذا الثالث هو المعتمد. وعليه اقتصر أكثر الشراح. وقد غلط الأزهري القول الأول، ولا وجه لتغليطه من الجهة التي غلطه بها وهو قوله: مع الرفيق الأعلى، لأن تأويله على ما يليق بالله سائغ" (١).

وأصل ما ذكره الناظم من الحديث الذي أخرجه البخاري وغيره عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم - يقول وهو صحيح - أنه لم يقبض نبي حتَّى يرى مقعده من الجنة، ثم يخير فلما نزل به ورأسه على فخذي غشي عليه، ثم أفاق فأشخص بصره إلى سقف البيت ثم قال: اللهم الرفيق الأعلى، فقلت إذا لا يختارنا، وعرفت أنه الحديث الذي يحدثنا وهو صحيح. قالت: فكان آخر كلمة تكلم بها: اللهم الرفيق الأعلى.

"و" بعد وفاته - عليه الصلاة والسلام - "بقي الهدى" والرشد "لباقي" وسائر "أمته" متضمنا مودعا "في مقتضى" آيات "كتابه" تعالى ومقتضى "سنته عليه" الصلاة والسلام "من باعثه" ومرسله سبحانه وتعالى "بالحكمة" والحق المبين "أزكى" أي أطيب "الصلاة وأعم" أي أكمل وأشمل "الرحمة" والسلام. "وبعد" ظرف مقطوع عن الإضافة لفظًا لا معنًى - أي وبعد هذا الذي ذكر من الثناء على الله تعالى والصلاة والسلام على نبيه الكريم "فـ" إن "العلم" الذي به عبادة رب العالمين ومعرفته "حياة ثانية" مستمرة "لها دوام" وبقاء وأما "الجسوم" والذوات فإنها على كل حال"فانية" زائلة إذ تصير


(١) فتح الباري ٨ - ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>