للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مواضع السجود فقط ليسجد فيها. وكره في المدونة أن يجلس الرجل لمن سمعه يقرأ السجدة لا يريد بذلك تعلما، وأنكر على من يقرأ في المساجد ويجتمع عليه، وأرى أن يقام وفيها: ومن قعد إليه فعلم أنه يريد قراءة سجدة قام عنه ولم يجلس معه.

وقال ابن القاسم سمعت مالكا يقول: إن أول من أحدث الاعتماد في الصلاة حتى لا يحرك رجليه، رجل قد عرف وسمى؛ إلا أني لا أحب أن أذكره، وكان مساء يعني يسار الثناء عليه. قال ابن رشد: جائز عند مالك أن يروح الرجل قدميه في الصلاة، وإنما كره أن يقرنهما حتى لا يعتمد على أحدهما دون الأخرى لأن ذلك ليس من حدود الصلاة، إذ لم يأت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من سلف الصحابة المرضيين الكرام، وهو من محدثات الأمور.

وعن مالك نحو هذا القيام للدعاء، وفي الدعاء عند ختم القرآن، وفي الاجتماع للدعاء عند الانصراف من الصلاة، والتثويب للصلاة، والزيادة في الذبح على التسمية المعلومة، والقراءة في الطواف دائما، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند التعجب، وأشباه ذلك مما هو كثير في الناس: يكون الأمر واردا على الإطلاق فيقيد بتقييدات تلتزم، من غير دليل دل على ذلك. وعليه أكثر البدع المحدثات (١).

وفي الحديث "لا يجعلن أحدكم للشيطان حظا من صلاته يرى أن حقا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه" وعن ابن عمر وغيره أنه سئل عن الإلتفات في الصلاة يمينا وشمالا فقال: نلتفت هكذا وهكذا، ونفعل ما يفعل الناس كأنه التزام عدم الإلتفات، ورآه من الأمور التي لم يرد التزامها.

وقال عمر: "واعجبا لك يا ابن العاص؛ لئن كنت تجد ثيابا أفكل الناس تجد ثيابا؟ والله لو فعلت لكانت سنة، بل أغسل ما رأيت وانضح ما لم أر" هذا فيما لم يظهر الدوام فيه، فكيف مع الإلتزام؟

والأحاديث في هذا والأخبار كثيرة، جميعها يدل على أن التزام الخصوصات في الأوامر المطلقة مفتقر إلى دليل، وإلا كان قولا بالرأي واستنانا بغير مشروع وهذه الفائدة أنبتت على هذه المسألة مع مسألة أن الأمر بالمطلق لا يستلزم المر بالمقيد (٢).


(١) الموافقات ٣/ ١٦٠.
(٢) الموافقات ٣/ ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>