للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩٥٨ - وَمَيْزِ مَا يُقْلَبُ بِالنِّيَاتِ … مِنَ الْمُبَاحِ لِلتَّعَبُّدَاتِ

بيان لهذا المعنى في فصل الرخص، وإليه يرجع وجه الجمع بين التحذير من فتنة الدنيا مع عدم التحذير من اجتنابها أو اكتسابها (١).

"فصل"

"و" مما ينبني على ذلك - أيضا - "ميز" أي عزل وفرز "ما" من الفعال "يقلب" ويغير "بالنيات" المعقودة للعبادة "من المباح" ويصير بذلك "لـ" درجة "التعبدات" أي العبادات على الإطلاق.

وذلك أن ما كان خادما لمأمور به تصور فيه أن ينقلب إليه، فإن الأكل والشرب والوقاع وغيرها في إقامة ما هو ضروري لا فرق في ذلك بين كون التناول في الرتبة العليا من اللذة والطيب وبين ما ليس كذلك وليس بينهما تفاوت يعتد به إلا في أخذه من جهة الحظ، أو من جهة الخطاب الشرعي فإذا أخذ من جهة الحظ فهو المباح بعينه، وإذا أخذ من جهة الإذن الشرعي فهو المطلوب بالكل؛ لأنه في القصد الشرعي خادم للمطلوب، وطلبه بالقصد الأول. وهذا التقسيم قد مر بيانه في كتاب الأحكام.

فإذا ثبت هذا صح في المباح الذي هو خادم المطلوب الفعل انقلابه طاعة؛ إذ ليس بينهما إلا قصد الأخذ من جهة الحظ أو من جهة الإذن. وأما ما كان خادما لمطلوب الترك فلما كان مطلوب الترك لم يصح انصرافه إلى جهة المطلوب الفعل؛ لأنه إنما ينصرف إليه من جهة الإذن، وقد فرض عدم الإذن فيه بالقصد الأول. وإذا أخذ من جهة الحظ فليس بطاعة، فلم يصح فيه أن ينقلب طاعة. فاللعب مثلا ليس في خدمة المطلوبات كأكل الطيبات وشربها؛ فإن هذا داخل بالمعنى في جنس الضروريات وما دار بها، بخلاف اللعب، فإنه داخل بالمعنى في جنس ما هو ضد لها. وحاصل هذا المباح أنه مما لا حرج فيه خاصة، لا أنه مخير فيه كالمباح حقيقة، وقد مر بيان ذلك. وعلى هذا الأصل تخرج مسألة السماع المباح، فإن من الناس من يقول إنه ينقلب بالقصد طاعة. وإذا عرض على هذا الأصل تبين الحق فيه إن شاء الله تعالى (٢).

كما تبنى على هذا الأصل - المبحث - فوائد أخرى، انظرها في الأصل - الموافقات - لاستتمام الفائدة.


(١) الموافقات ٣/ ١٧٤/ ١٧٥.
(٢) الموافقات ٣/ ١٧٦/ ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>