للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠١٧ - فَمَا أَتَى فِيهِ بِعَكْسِ مَا مَضَى … فَمِنْ تَفَاوُتِ النُّهَى فِيمَا اقْتَضَا

٢٠١٨ - وَمِنْهُ الاعْتِبَارُ بِالإِطْلَاقِ … لِمَا أَتَى أَخَصَّ فِي الْمَسَاقِ

٢٠١٩ - مِنْ مُقْتَضَى مَا جَاءَ لِلْعُمُومِ … فِي مُنْتَهَى مَحْمُودٍ أَوْ مَذْمُومِ

٢٠٢٠ - فَمِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى مَا تَذَرْ … جَارٍ عَلَى الْعُمُومِ حَيْثُ مَا صَدَرْ

بتفهمه وتحصيله كمن ليس في تلك الدرجة، ولا المبتدئ فيه كالمنتهي {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجَادلة: ١١] فلا مانع من توقف بعض الصحابة في بعض ما يشكل أمره، ويغمض وجه القصد الشرعي فيه؛ حتى إذا تبحر في إدارك معاني الشريعة نظره، واتسع في ميدانها باعه زال عنه ما وقف من الإشكال، واتضح له القصد الشرعي على الكمال (١).

هذا هو شأن العموم في النص الشرعي "فما أتى فيه" وهو مفهوم ومدرك "بعكس" وخلاف "ما" أي هذا الأصل الذي "مضى" تقريره في هذا الشأن "فـ" إنه آت من جهة "تفاوت" مدركات "النهى" - بضم النون - جمع نهية وهي العقل "فيما" أي في المعنى والحكم الذي "اقتضاه" ذلك العام.

"ومنه" أي العموم ما كان يدرك بواسطة "الاعتبار" والاعتداد "بالإطلاق" الذي يحصل وهو ثابت "لما" هو من هذه الألفاظ قد "أتى" في واقع الأمر وكان "أخص في المساق" - في بمعني الباء - أي بالمساق الذي ورد فيه فبين المراد بما جاء فيه "من مقتضى" وحكم "ما جاء" فيه "للعموم" وهو "في منتهى أمر "محمود أو "أمر "مذموم"، فالعموم جار في ذلك على كل حال "فمثل قوله تعالى: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢)} [الذاريات: ٤٢] وقوله - سبحانه - {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: ٢٥] لم يقصد به أنها تدمر السماوات والأرض والجبال، ولا المياه ولا غيرها مما هو في معناها، وإنما المقصود تدمر كل شيء مرت عليه مما شأنه أن توثر فيه على الجملة ولذلك قال - سبحانه -: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف: ٢٥]. وبذلك فهو "جار على" سبيل "العموم" والشمول بمقتضى القصد، ما أخرج منه مما اقتضاه الوضع لم يكن مرادا فلم يكن داخلا في دلالته وذلك "حيث ما" أي في أي موضع "صدر" ووقع.


(١) الموافقات ٣/ ٢٠٤/ ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>