هذا شأن ما إذا حصل البيان على الوجه التامّ الكامل. "و" أمّا إذا حصَّل "كلُّ واحد" منهما - القول والفعل - البيان "على انفراد" فإنّه "وإن يكن فيه" أي في هذا الضرب "البيان" النّبوي الكافي و"الهادي" إلى إثبات الحكم الشّرعي في مورده "فـ" إنّه بيان "قاصر من جانب عن" إفادة "غاية" البيان ونهايته "و" لكنّه "بالغ من "جانب "آخر" أقصى "النّهاية" والغاية في ذلك.
"فالفعل مبد" أي مظهرٌ ومفيد "غاية البيان" الشرعيّ "في كلّ ما" من الشّعائر والأمور الدينية "رجع" العلم به وإدراكه على ما هو عليه "للعيان" والمشاهدة كالصّلاة والحجّ وغيرهما "من" كلّ "ما له كيفيّة" وصورة خارجية "معيّنة" مخصوصة لا يبلغها البيان القولي، ولذلك بيّن - عليه الصّلاة والسّلام - الصلاة لأمّته، كما فعل به جبريل حين صلّى به، وكما بين الحجّ كذلك، والطّهارة كذلك "و" إن جاء البيان بالقول في ذلك فهو أي "القول دونه" الفعل في ذلك "إذا ما بيّنه" وفسّر صورته، فإنّه لو عرض البيان القولي في ذلك وما أشبهه على عين ما تلقّى بالفعل من الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - في شأنه، كان المدرك بالحسّ من الفعل فوق المدرك بالعقل من النّصّ، لا محالة.
وهبه - عليه الصّلاة والسّلام - زاد بالوحي الخاصّ أمورا لا تدرك من النّصّ على الخصوص، فتلك الزيادات بعد البيان إذا عرضت على النّصّ لم ينافها بل يقبلها، فآية الوضوء إذا عرض عليها فعله - عليه الصّلاة والسّلام - في الوضوء شمله بلا شكّ، وكذلك آية الحجّ مع فعله - عليه الصّلاة والسّلام - فيه، ولو تُرِكنا والنّصّ، لما حصل لنا منه كلّ ذلك، بل أمر أقل منه، وهكذا تجد الفعل مع القول أبدًا، بل يبعد في العادة أن يوجد قول لم يوجد لمعناه المركب نظير في الأفعال المعتادة المحسوسة، بحيث إذا فعل الفعل على مقتضى ما فهم من القول كان هو المقصود من غير زيادة ولا نقصان ولا إخلال، وإن كانت بسائطه معتادة كالصّلاة والحجّ والطّهارة ونحوها وإنّما يقرب مثل