عامّا وكان ذلك الفعل يقتضي ذلك أو مقيّدا له إن كان ذلك القول مطلقا وذلك الفعل يوجب تقييده.
"و" على الجملة هو "عاضدٌ" له ومقوّ "يرفع" ويزيل "كلّ" احتمال "عارض" يعرض فيه - أي القول - "فهما" أي من جهة فهم دلالته ومعناه.
وهذا كلّه "إذا لم يك" الفعل المذكور "بالمناقض" لذلك القول، والمخالف له. "و" هو أي الفعل المذكور "مكذّبٌ" أي حاكم بكذب ذلك القول "مع" حصول ووقوع "التّخلّف" أي تخلف الفعل عن القول، وحصول التنافي بينهما، "و" هو - أيضا - مع حصول هذا الذي ذكر من التّخلّف والتنافي "موقع" وموجب "للرّيبة" والشّكِّ في صدق ذلك القول "و" قد يوجب - أيضا - "التّوقّفِ" في ذلك كلّه لجريان التعارض في شأنه.
"وذاك" الذي تقرَّرَ في هذا الشأن كلِّه، "أمر بيّن" واضح "من" جهة "النّظر" وذلك أنّ العالم إذا أخبر عن إيجاب العبادة الفلانية أو الفعل الفلاني، ثمّ فعله هو ولم يخلّ به في مقتضى ما قال فيه، قوي اعتقاد إيجابه، وانتهض العمل به عند كلّ من سمعه يخبر عنه ورآه يفعله، وإذا أخبر عن تحريمه مثلا، ثمّ تركه فلم ير فاعلا له ولا دائرًا حواليه، قوي عند متّبعه ما أخبر به عنه، بخلاف ما إذا أخبر عن إيجابه ثم قعد عن فعله، أو أخبر عن تحريمه ثم فعله، فإنّ نفوس الأتباع لا تطمئن إلى ذلك القول منه طمأنينتها إذا ائتمر وانتهى، بل يعود من الفعل إلى القول ما يقدح فيه على الجملة، إمّا من طريق احتمال إلى القول، وإمّا من تطريق تكذيب إلى القائل، أو استرابة في بعض مآخذ القول، مع أنّ التّأسّي في الأفعال والتروك بالنّسبة إلى من يعظم في دين أو دنيا كالمغروز في الجبلّة، كما هو معلوم بالعيان، فيصير القول بالنّسبة إلى القائل كالتبع للفعل، فعلى حسب ما يكون القائل في موافقة فعله لقوله يكون اتّباعه والتّأسّي به، أو عدم ذلك.
ولذلك كان الأنبياء - عليهم السّلام - في الرّتبة القصوى من هذا المعنى، وكان المتّبِعون لهم أشدّ اتّباعًا، وأجرى على طريق التّصديق بما يقولون، مع ما أيّدهم الله به من المعجزات والبراهين القاطعة، ومن جملتها ما نحن فيه، فإنَّ شواهد العادات