للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢١٢٤ - إِلَّا بِحَيْثُ الأَمْنِ مِنْ أَنْ يَعْتَقِدْ … جَاهِلٌ الْوُجُوبَ فِيمَا يَعْتَمِدْ

٢١٢٥ - وَعِنْدَمَا كَانَ أَوْلُوا التَّصَوُّفِ … قَدْ جَاهَدُوا النُّفُوسَ فِي التَّصَرُّفِ

٢١٢٦ - وَخَرَجُوا فِي سَائِرِ الأُمُورِ … فِعْلًا وَتَعْلِيمًا عَنِ الْجُمْهُورِ

والأمثلة كثيرة (١).

وهذا الحكم المقرّر هنا الجاري مقتضاه في هذا الشّأن، فعلى المقتدى به الالتزام به "إلّا بحيث" أي في موضع قد حصل فيه "الأمن من" ذاك المحظور وهو "أن يعْتقِدَ جاهِلٌ" الحكم الشّرعيّ في ذاك "الوجوب فيما يعتمد" من ذلك ويفعل، وهذا الأمن يحصل فيما من لم يفعل بحضرة النّاس، بحيث فعله المقتدى به في نفسه، وحيث لا يطّلع عليه مع اعتقاده على ما هو به. فهذا لا بأس به، كما قاله المتأخرون في صيام ستّ من شوّال: إن فعل ذلك في نفسه معتقدا وجه الصّحة فلا بأس.

وكذا قال مالك في المرّة الواحدة: "لا أحبّ ذلك إلا للعالم بالوضوء"، وما ذكره اللّخمي يشعر بأنّه إذا فعل الواحدة حيث لا يقتدي به فلا بأس، وهو جار على المذهب، لأنّ أصل مالك فيه عدم التّوقيت، فأمّا إن أحبَّ الالتزام، وأن لا يزول عنه ولا يفارقه فلا ينبغي أن يكون ذلك بمرأى من النّاس، لأنّه إن كان كذلك فربَّما عدّه العامّي واجبًا أو مطلوبًا أو متأكد الطلب بحيث لا يترك، ولا يكون كذلك شرعًا، فلا بدّ في إظهاره من عدم التزامه في بعض الأوقات، وذلك على الشّرط المذكور في أوّل كتاب الأدلّة (٢).

خلاصة القول أنّه عند ثبوت الأمن من المحظور المذكور بالكتمان والإخفاء يصار إلى الدّوام على ذلك، "و" هو أمر سائغ فإنّه "عندما كان أولوا" أي أهل "التّصوف قد جاهدوا" أي حاربوا "النّفوس" أي رعوناتها واعوجاجها "في التّصرُّف" أي العمل، حتّى انفصلوا بذلك "وخرجوا" به "في سائر الأمور" العباديّة والعاديّة "فعلا" وسلوكا "وتعليما" لمن يربّونهم "عن" طريق "الجمهور" الماضي على السّبيل


(١) انظر الموافقات ٣/ ٢٧١ - ٢٧٢.
(٢) انظر الموافقات ٣/ ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>