والإستقصاء في اللوم، وذلك الإطناب في الترغيب يقع "عند ظهور" ووجود "حالة" وصفة "القنوط واليأس" من المغفرة، واستحقاق الرحمة في النفوس "أو" في حال وجود "مظنة" أي زمان أو محل "التقنيط" من ذلك، وقد ورد هذا الضرب من الإطناب في آيات من القرآن، وذلك "كمثل ما جاء بـ" معنى الفاء أي في سورة "هود" وهو قوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هُود: ١١٤] فقد ذكر أن سبب نزول هذه هو أن أبا اليسر كعب بن عمرو الانصاري كان يبيع التمر، فأتته امرأة فأعجبته فقال لها: في البيت أجود من هذا التمر فذهب بها إلى بيته، فضمها إلى نفسه وقبلها، فقالت له: اتق الله، فتركها وندم، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما فعل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتظر أمر ربي فلما صلى صلاة العصر، نزلت هذه الآية، فقال: نعم، اذهب؛ فإنه كفارة لما عملت. وقد روي هذا الخبر بألفاظ أخرى، وقد أخرجه الترمذي والنسائي والبزار، والطبراني، والطبري، وغيرهم.
"و" كذلك ما ورد في سورة "الزمر" وهو قوله - تعالى -: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣)} [الزُّمَر: ٥٣] فقد روي في سبب نزول هذه الآية أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا، وزنوا، وأكثروا، فأتوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - فقالوا إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن، لو تخبرنا أن لنا لما عملنا كفارة، فنزلت. وقيل غير هذا في سبب نزولها. "و" هذا الإطناب في الترغيب قد أتى ضده وهو "العكس" له وهو الإطناب في الترهيب "في"سورة "الأنعام" وقد تقدم ذكره لك تاما و"حكمه ظهر".
"فصل"
"ومن هنا" يؤخذ أنه "يوصف" ويحلى "باهتداء" ورشاد "من يجمع" في قلبه "الخوف" من عذاب رب العالمين وغضبه، "إلى الرجاء" من رحمته سبحانه وتعالى لأن حقيقة الإيمان دائرة بينهما وقد دل على ذلك الكتاب العزيز على الخصوص، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧)} [المؤمنون: ٥٧] إلى قوله: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ