للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٢٤٣ - لِمَا أَتَى فِيهِ وَفِي الآثَارِ … وَمُقْتَضَى التَّجْرِيبِ ذُو اعْتِبَارِ

وهذا أمر مستند ثبوته "لما أتى" من الأدلة والحجج "فيه" أي القرآن وهي تدل على ذلك في شأنه؛ ومن ذلك قوله - تعالى -: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المَائدة: ٣] وقوله - سبحانه -: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النّحل: ٨٩] وقوله - عزّ وجلّ -: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعَام: ٣٨] وقوله: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسرَاء: ٩] يعني الطريقة المستقيمة ولو لم يكمل فيه جميع معانيها لما صح إطلاق هذا المعنى عليه حقيقة، وأشباه ذلك من الآيات الدالة على أنه هدى وشفاء لما في الصدور، ولا يكون شفاء لجميع ما في الصدور إلا وفيه تبيان كل شيء (١). "و" كذلك ما جاء "في الآثار" والأحاديث، مما هو مؤذن بذلك، "كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا القرآن حبل الله، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق كثرة الرد" الخ.

فكونه حبل الله بإطلاق، والشفاء النافع، إلى تمامه، دليل على كمال الأمر فيه. ونحو هذا من حديث علي عن النبي عليه الصلاة والسلام، وعن ابن مسعود: "أن كل مؤدب يحب أن يؤتى أدبه وأن أدب الله القرآن" وسئلت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "كان خلقه القرآن" وصدق ذلك قوله {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القَلَم: ٤] وعن قتادة ما جالس القرآن أحد إلا فارقه بزيادة أو نقصان، ثم قرأ: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (٨٢)} [الإسرَاء: ٨٢] وعن محمد بن كعب القرظي في قول الله تعالى: {إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ} [آل عِمرَان: ١٩٣]. قال: هو القرآن، ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث: "يؤم الناس أقرأهم لكتاب الله" وما ذاك إلا أنه أعلم بأحكام الله، فالعالم بالقرآن عالم بجملة الشريعة، وعن عائشة: أن من قرأ القرآن فليس فوقه أحد. وعن عبد الله قال: إذا أردتم العلم فأثيروا القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين، وعن عبد الله بن عمر قال: من جمع القرآن فقد حمل أمرا عظيما، وقد أدرجت النبوة بين جنبيه، إلا أنه لا يوحى إليه. وفي رواية عنه: من قرأ القرآن فقد اضطربت النبوة بين جنبيه، وما ذاك إلا أنه جامع لمعاني النبوة، وأشباه هذا مما يدل على هذا المعنى" (٢).

"و" كذلك "مقتضى" ومفاد "التجريب" فإنه أمر "ذو اعتبار" في هذا الشأن، فإنه لا


(١) الموافقات ٣/ ٢٧٦.
(٢) الموافقات ٣/ ٢٧٦ - ٢٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>