" فالحفظ والإكمال" المذكوران إنما هما "للكلي" المذكور - الكليات الثلاثة المذكورة - الضروريات والحاجيات والتحسينات - و"دليله" أي ودليل هذا الذي ذكرناه من اختصاص الحفظ بما ذكر وهو "تخلف" حفظ "الجزئي" إذ لو كان الجزئي داخلا فيما ضمن حفظه لم يتخلف عن الحفظ جزئي من جزئيات الشريعة على الإطلاق، وليس كذلك لأنا نقطع بجواز ذلك التخلف، ويؤيده الوقوع لتعارض الظنون وتطرق الاحتمالات في النصوص الجزئية ووقوع الخطإ فيها قطعا، فقد وجد الخطأ في أخبار الآحاد وفي معاني الآيات فدل على ان المراد بالذكر المحفوظ ما كان منه كليا زائدة "وقد نفى القاضي" أَبُو بكر الباقلاني - رحمه الله - "عن الأصول" كل "ما ليس" أصلا "قطعيا" ومراده ما كان "على التفصيل" وهو ما كان جزئيات أصولية والذي يلزم حقا أن يكون كل أصل قطعيا في ثبوته بمقتضى هذا الحفظ الإلهي الذي تزول الراسيات ولا يزول.
وذلك "مثل تفاصيل" أحكام "الحديث" النبوي فيما يتصل بظنية ثبوته، وتفاصيل أقسامه التي تذكر في أصول الفقه والتي يعتمد عليها في اثباته على الظن، "و"مثل تفاصيل الحديث هذه تفاصيل" العلل" المسطورة في باب القياس. ومن ذلك ما يقدح به في العلة من قوادح، فكل ذلك مبتناه على الظن ونص كلام القاضي هذا الذي ذكره المصنف موجزا "فإن قيل: فيدخل في هذا الفن ما لا يلتمس فيه القطع والعلم؟ " قيل: ما ارتضاه المحققون أن ما يبتغي فيه العلم لا يعد من الأصول. فإن قيل: فأخبار الآحاد والمقاييس السمعية لا تفضي إلى العلم وهي من أدلة احكام الشرائع" قيل: إنما يتعلق بالأصول تثبيتها أدلة على وجوب الأعمال وذلك مما يدرك بالأدلة القاطعة، فأما العمل المتلقى منها فمتصل بالفقه دون أصول الفقه (١) "وغيرها مما" من الجزئيات "على الظن اشتمل" في بنائه.