وقائل هذا القول ربما كان "مستندا فيه" يعني في القول به "لمرسل" روي عن الحسن البصري، في "الخبر" عن هذا الأمر، وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما أنزل الله آية إلا ولها ظهر وبطن - بمعنى ظاهر وباطن - وكل حرف حد، وكل حد مطلع""و" معتمدا - كذلك - على "ما من التفسير فيه" يعني في بيان معنى هذا الخبر "قد" ورد و "صدر" أي جاء فيه، "فمنه" أي هذا التفسير الوارد لهذا الخبر "أن باطن الكتاب" معناه هو "فهم مراد الله" - تعالى - ومقصده "بالخطاب" بحيث تتخطى ظواهر الألفاظ إلى المقاصد الشرعية منه. "و" أما "الظاهر" فإنه "التلاوة المجردة" التي تحصل "دون تعقل" وإدراك "لما قد قصده" الشارع من ذلك الكتاب، لأن الله - تعالى - قال:{فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا}[النِّسَاء: ٧٨] والمعنى لا يفقهون عن الله مراده من الخطاب ولم يرد أنهم لا يفهمون نفس الكلام، كيف وهو منزل بلسانهم؟ ولكن لم يحظوا بفهم مراد الله من الكلام، وكان هذا هو معنى ما روى علي عن أنه سئل: هل عندكم كتاب؟ فقال لا إلا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة، الحديث. وإليه يرجع تفسير الحسن للحديث المذكور، إذ قال: الظهر هو الظاهر هو الباطن هو السر.
"وما أتى" في القرآن الكريم. "من طلب التدبر آياته" ومن ذلك قوله - تعالى -: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} [النِّسَاء: ٨٢] أمر قاض "بصحة الفرق" بين التلاوة المجردة والتلاوة التي معها الدبر، وهو بإفادة هذا الفرق "حر" أي جدير وحقيق. لأن ظاهر المعنى شيء هم عارفون به، لأنهم عرب، فالمراد إذن شيء آخر، وهو لا شك أنه من عند الله - تعالى - وإذا حصل التدبر ارتفع هذا الفرق، ولم يوجد في قراءة القرآن اختلاف في البتة، فهذا الوجه الذي يفهم من جهته الاتفاق، وينزاح الاختلاف هو الباطن المشار إليه ولما قالوا في الحسنة:{هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}[البَقَرَة: ٧٩] وفي السيئة: هذا من عند رسول الله، بين لهم أن كلا من عند الله وأنهم لا يفقهون حديثا، لكن بين الوجه الذي يتنزل عليه أن كلا من عند الله بقوله: