{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}[النِّسَاء: ٧٩] الآية وقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)} [محَمَّد: ٢٤] فالتدبر إنما يكون لمن التفت إلى المقاصد. وذلك ظاهر في أنهم أعرضوا عن مقاصد القرآن فلم يحصل منهم تدبر. قال بعضهم: الكلام في القرآن على ضربين:
أحدهما: يكون برواية فليس يعتبر فيها إلا النقل.
والآخر: يقع بفهم فليس يكون إلا بلسان من الحق إظهار حكمة على لسان العبد. وهذا الكلام يشير إلى معنى كلام علي (١).
"وقال بعض النّاس" في هذا الشّأن "ما معناه": إنّ "الظاهر" هو الوجه "المفهم ما اقتضاه" النّصّ القرآنيّ وأفاده إمّا من جهة اللّغة أو من جهة النّقل. "و" أمّا "الباطن المعنى" أي المقصود هنا فإنّه "سرّ" يلهمه العبد ولا يكون إلّا بلسان "الحقّ" وهذا فضل "يؤتيه" - سبحانه - "من يختصه" بذلك "من الخلق" والله ذو الفضل العظيم. وهذا الكلام يشير إلى معنى كلام عليّ. وحاصل هذا الكلام أنّ المراد بالظاهر هو المفهوم العربيّ والباطن هو مراد الله تعالى - سبحانه - من كلامه وخطابه، "فإن يكن من قصد" ومراد صاحب هذا القول و"مدعيه" هو "ما مرّ" ذكره تفسيرا له - أي لهذا القول وهذا الرأي المدّعى - "فـ" - إنّ ذلك صحيح و"هو" قول وجيه، وبذلك فإنّه "لا نزاع فيه" ولا نكير يرد على من ذهب إلى القول به، لأنّه جار على قواعد العلم الشّرعيّ، وواقع حاله.
"و" أمّا "إن يكن مقصده" بذلك "سواه" أي سوى هذا المعنى ممّا يتجاوز هذا الذي ذكر ويتخطّاه "طولب" وألزم بالإتيان "بالدّليل في "إثبات "دعواه" وما يراه في هذا الشّأن، لأنّه ادّعى أمرا زائدا على ما كان معلوما عند الصّحابة ومن بعدهم، وما كان على هذا الحال من الدّعاوى فإنّه لا يثبت ولا يصحّ إلا بدليل ذي قوّة شرعيّة كافية في