منها ما يظهر أنّه جار على مفهوم صحيح، ومنها ما ليس كذلك، فـ"قيل" إنّها حروف "أشير" بها "لحروف المعجم" التي هي حروف الهجاء، وذلك "إن كانت" هذه الحروف الهجائية "الأصل لوضع الكلم" العربي وتركيبه، والقرآن منزل بهذا الكلم.
ولا يخفى ما في هذا القول من البعد لفقد المناسبة والرّابطة بين ذكر هذه الحروف، وهذا القصد. "وقيل بل" إنّها "إشارة إلى" ما دلّ عليه من "عدد" كلّ حرف منها بحساب الجمل وهذا العدد "جاء" ذكره "لتنبيه به" وتذكير "على" ما قد تستغرقه بقاء هذه الأمّة من "مدد" وأزمنة "وذا" القول "وإنّ معناه" قد "جاء في "كتب "السير" وذكر فيها فإنّه "محتمِل" - بكسر الميم - "للبحث فيه والنّظر" في شأنه، لأنه قول مفتقر إلى ما يسنده من جهة اللغة العربية، فإنّ العرب ما كانت تعهد استعمال الحروف المقطعة قاصدة ما دلّت عليه تلك الحروف من أعداد، وربّما لا يوجد لها مثل هذا البتة، وإنّما كان ذلك من عادة اليهود.
"وقيل فيها" أيضا: "إنّها حروف" قاصد و"آت لأسماء" معيّنة "بها تعريف"، فقد نقل عن ابن عبّاس في {الم (١)} أنّ الألف: الله. و"لام" جبريل. و"ميم" محمّد - صلى الله عليه وسلم -.
"و" هذا وإن صحّ في النّقل فـ"إنّه لأغمض" الأراء و"الأقوال" المذكورة في هذا الشأن وذلك "لبعده عن حال" وطريقة التصرّف في اللغة العربية و"الاستعمال" لها، فإنه لم يثبت في كلام العرب هكذا مطلقا، وإنّما أتى مثله إذا دلّ عليه الدّليل اللّفظي أو الحالي، كما قال الشاعر: قلت لها: قفي لنا، قالت قاف.
أراد وقفت، فاكتفى بذكر القاف. قال ابن جني: ولو نقل هذا الشاعر إلينا شيئا من جملة الحال فقال مع قوله قالت قاف: وأمسكت زمام بعيرها أو عاجته علينا، لكان أبين لما كانوا عليه وأدل، على أنها أرادت قفي لنا قفي لنا، أي تقول لي قفي لنا