للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عليها في ذلك ونظر تام في قوتها الحجية، ثم لما بدا له أن نظره ما قضى إلا بذلك ذكره. وقد يكون غرضه من ذلك الذي يظهر أنه جمود وحجر على الأنظار هو صد أصحاب الأهواء والضلالة الداعين إلى تخطي ظواهر الألفاظ والأخذ بما يسمونه ببواطنها وأسرارها الخفية التي تدرك بالإشارات التي لا يفهمها إلا ذوو العلم "اللدني" والإلهام.

وهذا أمر محمود، فإن درء المفسدين عن حياض الإسلام وحرمه أمر واجب شرعا.

فالباطنية شرهم عظيم، ومكرهم خبيث وهم ما فتئوا في كل زمان ومكان يكيدون لهذا الدين.

وهذا الضبط يثمر في النفس لمن عنّ له أنه الصواب إدراك المنهج الموصل إلى أخذ الأحكام من أدلتها على الوجه الصحيح.

سادسها: كشف المعتبرات والمستندات الفقهية لآراء فقهية وتصرفات وأعمال عدت خارجة عن القواعد التي يقتضى حالها جريان حكمها عليها، وعن الأدلة الشرعية الشاملة أحكامها لها. وهذا متجل في مواطن:

أحدها: التوجيهات الفقهية التي يوردها بيانا وحججا على صحة تصرفات وأحوال من يسميهم بأرباب الأحوال - الصوفية -. وقد بني نظره في هذه الجزئية على أمر اختلاف أحوال النفوس، وخصائص البواطن التي يترتب عليها اختلاف القوة والضعف في إتيان الأعمال، وفي السبل المختار سلوكها في التعبد، فالمسوقون بالخوف أو المحبة أو ما يسهل عليهم مشقة العبادة من رجاء وطمع في نيل درجات التقرب لرب العالمين ومقامات الأبرار يسلكون السبيل الذي يوافق أحوالهم، فذهابهم إلى المشقة واختيار العزائم في مواطن الرخصة المباحة لا يضير أمره، بل هو فعل محمود لأنه لا تترتب عليه أي مفسدة شرعية.

وأما من ليس مثلهم في ذلك وإنما يأتي العبادة امتثالا وحظوظه النفسية غالبة عليه فإنه سلك السبيل الذي يجمع به بين تحصيل حظوظه المباحة، والالتزام بعبادة ربه.

والاعتناء بأمور البواطن واختلافها والأخذ بمقتضاها في بناء الأحكام

<<  <  ج: ص:  >  >>