للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إنّ موافقة قصد المكلف للقصد الشرعي من شرعية الحكم في العمل هو ما به يصح ذلك العمل شرعا، ويكون به التقرب لله رب العالمين، وإن مخالفة قصد المكلف للقصد الشرعي عينا في ذلك مثمر للفساد والإثم.

وإن ما يكون مخالفا على وجه ليس فيه المخالفة العينية هو محل خلاف ونظر فقهي، فالمدار في الحكم فيه على الترجيح، وبهذا تعرف أحوال القصد المصاحب للعمل وأحكامه، ولا يخرج قصد عن هذه الأقسام.

وهذا إدراكه يثمر في النفس أمورا منها:

أ - وجوب طلب العلم بالقصد الشرعي على المكلف في كل عمل عزم على إتيانه، حتى يعلم ما يأتي وما يذر من المقاصد التي تعرض في النفس وتقوم بها.

ب - وجوب إلزام النفس بالموافقة للشرع في ذلك وترويضها عليه.

ج - كسب التبصر بأحكام القصود، وأحوالها والعلم بما يكون الحكم فيه منها معلوما قطعا، وما يكون فيه منها محل اجتهاد ونظر.

د - استفراغ الجهد في ربط القصد الشرعي بقصد المكلف في العمل، والنظر، وجعل ذلك أمرا لا ينفك عن البال في بناء الأحكام والعمل.

والمتأمل لكلام الشاطبي في هذا الكتاب، يجد هذا الأمر من أهم ما يسعى إلى نقل العقول إلى اعتباره والاعتناء بأمره.

خامسها: ضبط سبيل النظر في النصوص الشرعية وأخذ الأحكام منها وذلك بالالتزام والتقيد بحدود اللسان العربي، والانكفاف عن تخطي ذلك.

وهذا أمر قد احتج عليه بما يراه من الأدلة والحجج مثبتا له، غير أن هذا مشعر بتأثر الشاطبي بالظاهرية في هذا الشأن إذ يلمح في سبيله في هذا الموضوع ضرب من الحَجْر على النظر واتصاف بالجمود.

لكن هذا الحكم الذي يسبق إلى الأذهان في أول النظر إلى هذا الموضوع يزيله ما جرى عليه من البحث عن أسرار الشريعة وعللها ثم ما جرى عليه من منهج في اختياره لهذا الرأي، فإنه ما أتاه إلا عن اطلاع عن الأدلة التي يعتمد

<<  <  ج: ص:  >  >>