وبيان ذلك أن "الاجتهاد" من دوامه وانقطاعه "على ضربين" أحدهما:
الاجتهاد الذي لا ينقطع حتى ينقطع أصل التكليف وذلك عند قيام الساعة، وبذلك "فهو متصل الحكم" دائما "مدى الزمان" والدهر.
"و" هذا الضرب "هو ما" من الاجتهاد "تعلقا" - الألف للإطلاق - "بحيث تحقيق المناط" يعني بتحقيق المناط الذي "أطلقا" - الإلف للإطلاق - "و" هذا الضرب قد تقرر "أنه لا خلف" بين جمهور الأمة "في قبوله كـ" ما لا خلف بينهم في قبول "كل ما" يفيده من الأحكام و"يؤخذ من دليله" يعني من دلالته ومعناه أن يثبت الحكم بمدركه الشرعي، لكن يبقى النظر في تعيين محله، وبذلك يكون واقع الحال في هذا المحل "مستدعيا" وطالبا "للبحث" والنظر "في تعيين" موضع هذا الحكم و"محله بـ" ما يعينه من دليل و"موجب تبييني" وتوضيحي مظهر للأنظار والعقول وجه ذلك التعيين وما يحققه من دلالة ويثبته من صفة عادية أو شرعية، وذلك "كمثل فهم" وإدراك من هو "مدع" و"من" هو "مدعى عليه" والتمييز بينهما في مجرى التقاضي والتنازع وهذا الفهم والتمييز مطلوب، على سبيل التعيين وذلك "كي ينفد ما قد شرعا" - الألف للإطلاق - في حقهما. ومعلوم أن المالكية قد رجحوا أن المدعي هو من قوله مجرد من أصل أو عرف يشهد له، والمدعى عليه بعكسه، إلا أن العلم بهذا التفصيل لا يبين لك من هو المدعي ومن هو المدعى عليه حتى ينظر في حال دعواهما وصفتها وتسمع لما يقولان في شأنها، وما يوصل إلى التصور التام لها مع البحث عن قرائن الأحوال التي قد تعلم بها حقيقة الأمر في ذلك، وهذا متوقف إدراكه على استفراغ الجهد.
ومن ذلك أن الشارع لما قال:"واشهدوا ذوي عدل منكم" وثبت عندنا معنى العدالة افتقرنا إلى تعيين من حصلت فيه هذه الصفة، "وليس الناس في وصف العدالة