للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي المعالي»؛ لأنَّه أمكنه الاقتداءُ بإمامه من غير خلَل، فوجب أن يصحَّ؛ لانتفاء عدم الرُّؤية وعدم الاتِّصال المفسِدَين لها، وكما لو صلَّى في الصَّفِّ الأوَّلِ.

ويرجع فيه إلى العُرف.

وفي «التَّلخيص» و «الرِّعاية»: أو ثلاثة أذرع؛ لظاهر الأمر بالدُّنوِّ من الإمام (١) إلاَّ ما خصَّه الدَّليل.

وفسَّره في «المغني»: بِبُعدٍ غيرِ معتادٍ، ولا يَمنَع الاقتداءَ، ومعناه في «الشَّرح» و «المذهب» على أنَّه لا يُعتبَر اتِّصالُ الصُّفوف في المسجد.

قال أبو الحسَن الآمدي (٢): لا خلاف في المذهب أنَّه إذا كان في أقصى المسجد، وليس بينه وبين الإمام ما يمنع الاستطراق والمشاهدة؛ أنَّه يصح اقتداؤه به، وإن لم تتَّصِل (٣) الصُّفوف؛ لأنَّ المسجد بُني للجماعة، فكلُّ (٤) من حصل فيه حصل في محلِّ الجماعة، بخلاف خارج المسجد، فإنَّه ليس مُعدًّا للاجتماع فيه، فلذلك اشتُرِط الاتصالُ فيه.

(وَإِنْ (٥) لَمْ يَرَ مَنْ وَرَاءَهُ؛ لَمْ تَصِحَّ (٦)، قدَّمه ابنُ تميمٍ، وهو ظاهِرُ كلامِه، وصرَّح به في «الخلاصة»؛ لقول عائشةَ لنِساءٍ كُنَّ يصلِّينَ في حُجرتها: «لا تصلِّين بصلاة الإمام، فإنَّكنَّ دونه في حجابٍ» (٧)، فعلَّلت النَّهي


(١) كما في قوله : «ليلني منكم أولو الأحلام والنهى»، أخرجه مسلم (٤٣٢) من حديث ابن مسعود .
(٢) في (أ): البري.
(٣) في (و): لم يتصل.
(٤) في (أ): وكل.
(٥) في (و): فإن.
(٦) في (و): لم يصح.
(٧) أخرجه البيهقي في المعرفة (٥٨٤٩)، وفيه إبراهيم بن محمد الأسلمي وهو متروك، وليث بن أبي سليم وهو ضعيف الحديث، قال ابن رجب في الفتح ٦/ ٣٠٠: (وهذا إسناد ضعيف، ولذلك توقف الشافعي في صحته).