للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَإِنِ انْفَصَلَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ بَعْدَ زَوَالِهَا)، وهو معنى كلامه في «المحرر»، و «الوجيز»، ولم (١) يَبْقَ للنجاسة أثر؛ (فَهُو طَاهِرٌ إِنْ كَانَ الْمَحَلُّ أَرْضًا)، نصره في «الشرح»، وقدَّمه ابن تميم وابن حمدان؛ لما روى البخاري من حديث أبي هريرة: أنَّ أعرابيًّا بال في طائفة المسجد، فقام إليه النَّاس ليقعوا به، فقال النَّبيُّ : «دعوه، وأريقوا على بوله سَجْلاً من ماء، أو ذَنُوبًا من ماء»، أمر بذلك لأجل التَّطهير، ولولا أنَّه يطهِّر؛ لكان تكثيرًا للنَّجاسة.

ويلزم منه طهارة المحلِّ، وقد صرَّح به في «المحرر» و «الوجيز»، وإن لم يَنفصِلِ الماءُ.

وعن أحمدَ: إن كانت النَّجاسةُ رطْبَةً والأرضُ صلبةً؛ فمنفصِلُه نَجِس.

وقيل: المنفصل عن الأرض كالمنفصل عن غيرها في الطَّهارة والنَّجاسة، وحكاه ابن البَنَّاء (٢) روايةً.

فرع: إذا وقع خمرٌ على أرض، فذهب بالماء لونُه دون ريحه؛ عُفِي عنه في الأصحِّ.

وتطهُر أرض البئر اليابِسةُ ونحوها بنبع ماء طَهور كثيرٍ فيها.

(وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْأَرْضِ؛ فَهُوَ طَاهِرٌ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ)، قاله ابن تميم وغيره؛ لأنَّه انفصل عن محلٍّ محكوم بطهارته؛ كالمنفصل في السَّابعة من ولوغ الكلب، وهو معنى كلامِه في «الوجيز»: (وآخرُ غسلة زالت النَّجاسة بها)، ولأنَّه بعض المتَّصل، وهو طاهر بالإجماع، وشرطه الانفصال، وصرَّح به في «المحرر» بخلاف الأرض؛ لأنَّه إذا لم ينفصل؛ فعَينُ النَّجاسة قائمةٌ،


(١) في (ب): ولو لم.
(٢) هو الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البنَّاء البغدادي من تلاميذ القاضي أبي يعلى، من مصنفاته: شرح مختصر الخرقي، الكافي المحدد في شرح المجرد، نزهة الطالب في تجديد المذهب. ينظر: طبقات الحنابلة ٢/ ٢٤٣، سير أعلام النبلاء ١٨/ ٣٨٠.