للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، فَإِذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ؛ أَتَمَّتْ لأنْفُسِهَا أُخْرَى، وَتَشَهَّدَتْ، وَسَلَّمَ بِهِمْ)، وذلك متَّفقٌ عليه من حديث صالح بن خوَّاتِ بن جُبَيرٍ عمَّن صلَّى مع النَّبيِّ يوم ذات الرِّقاع صلاة الخوف: «أنَّ طائفةً صفَّت معه، وطائفةً وجاه العدوِّ، فصلَّى بالتي معه ركعة، ثمَّ ثبت قائمًا، وأتمُّوا لأنفسهم، ثمَّ انصرفوا وصفُّوا وِجاه العدوِّ، وجاءتِ الطَّائفةُ الأخرى فصلَّى بهم الرَّكعة التي بَقِيَتْ من صلاتِهِ، ثمَّ ثَبَتَ جالسًا وأتمُّوا لأنفسهم، ثمَّ سلَّم بهم»، وصحَّ عن صالِحِ بن خوَّات عن سهل بن أبي حَثْمةَ مرفوعًا (١)، وهذا هو المختار عند أحمد؛ لأنَّه أنكى للعدو، وأقلُّ في الأفعال، وهو أشبهُ بكتاب الله تعالى، وأحوطُ للصلاة والحرب.

وإن صلَّى كما في حديث ابن عمر (٢)، وهو الوجه الثَّالث؛ جاز.

وظاهره: أنَّه يشترط لهذه الصَّلاة أن يكون العدوُّ في غير جِهة القِبلة، وهو قول القاضي وجماعةٍ؛ لأنَّ صلاته بذات الرِّقاع كانت كذلك، والمنصوص عن أحمد: أنَّها تفعل وإن كان العدو (٣) في جهة القِبلة (٤).

قال ابنُ تميمٍ: (قال شيخنا: نصُّ أحمد محمول على ما إذا لم تمكن صلاة عُسْفان؛ لانتشار العدوِّ، وقول القاضي محمول على ما إذا أمكنت).

قوله: (جَعَلَ طَائِفَةً حَذْوَ العَدُوِّ)؛ شرط (٥) أبو الخطَّاب، واقتصر عليه في «التَّلخيص»: أن يكونَ المصلُّون يمكن تفريقهم طائفتين، كلُّ طائفةٍ ثلاثةٌ؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِذَا سَجَدُوا﴾ [النِّسَاء: ١٠٢]، وأقلُّ الجمع ثلاثةٌ.


(١) أخرجه البخاري (٤١٢٩)، ومسلم (٨٤١).
(٢) أخرجه البخاري (٩٤٢)، ومسلم (٨٣٩).
(٣) قوله: (العدو) سقط من (أ).
(٤) ينظر: المغني ٢/ ٢٩٨.
(٥) في (ز): شرطه.