للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: الخلاف مبنيٌّ على أنَّ الجمعة هل هي ظُهر مقصورةٌ، أم صلاةٌ مُستقِلَّةٌ؟ فيه وجهان.

ومحلُّ ذلك: ما إذا كانت بعد الزَّوال، فإن كان قبله لم يَصِحَّ دخولُ مَنْ فاته معه في أظهر الوجهين، فإن دخل انعقدت نفلاً.

والثَّاني: يَصِحُّ دخوله بنيَّة الجمعة، ثمَّ يبني عليها ظُهرًا، ويجب أن يصادِف ظُهرُه زوالَ الشَّمس.

(وَمَنْ أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ زُحِمَ عَنِ السُّجُودِ) بالأرض؛ (سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ إِنْسَانٍ أَوْ رِجْلِهِ)؛ أي: قدَمه وجوبًا إن أمكن، ذكره معظمهم؛ لقول عمر: «إذا اشتدَّ الزِّحام فليسجد على ظهر أخيه» رواه أبو داود الطَّيالِسِيُّ وسعيدٌ (١)، وهذا قاله بمَحضَرٍ من الصَّحابة وغيرِهم في يوم جمعةٍ، ولم يَظهَر له مخالِفٌ، ولأنَّه يأتي بما يمكنه حال العجز، فوجب وصحَّ؛ كالمريض يُومِئُ.

وقيل: لا يجوز ذلك، وذكر ابن عقيل: أنَّه لا يسجد على ظهر أحد، ويومئ غاية الإمكان، فأمَّا إن احتاج إلى وضع يديه أو ركبتيه، وقلنا: يجوز في الجبهة؛ فوجهان، ذكره ابن تميمٍ وغيره.

(فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ)؛ انتظر، و (سَجَدَ إِذَا زَالَ الزِّحَامُ) ويَتْبَع إمامَه؛ لأنَّ النَّبيَّ أمر أصحابه بذلك في صلاة عُسْفان للعذر (٢)، وهو موجودٌ هنا،


(١) أخرجه أبو داود الطيالسي (٧٠)، ومن طريقه أحمد في المسند (٢١٧)، والبيهقي في الكبرى (٥٦٢٩)، عن سيار بن المعرور، عن عمر . وإسناده ضعيف، لجهالة سيار، قال ابن المديني في العلل ص ٩٣: (هذا إسناد مجهول، لا نحفظه إلا من هذا الطريق، وسيار بن المعرور مجهول، لا نعلم أحدًا روى عنه إلا سماك).
وصح عن عمر من وجه آخر: أخرجه ابن أبي شيبة (٢٧٢٦)، وابن المنذر في الأوسط (١٨٥٦)، والبيهقي في الكبرى (٥٦٣٠)، ولفظه: «إذا اشتد الحر فليسجد على ثوبه، وإذا اشتد الزحام فليسجد أحدكم على ظهر أخيه» وإسناده صحيح ورجاله ثقات.
(٢) أخرجه مسلم (٨٤٠)، والبخاري مختصرًا (٤١٢٥)، من حديث جابر .