للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حين استقبل القبلة» رواه مسلم (١).

(فَيَجْعَلُ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ، وَالْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ)، نَصَّ عليه (٢)، لما (٣) روى أحمد وغيره من حديث أبي هريرة: «أنَّ النَّبيَّ خطب، ودعا الله، وحوَّلَ وجهَهُ نحو القِبلةِ رافعًا يدَيه، ثمَّ قلَب رداءه، فجعل الأيمنَ على الأيسر، والأيسرَ على الأيمن» (٤).

وكان الشَّافعيُّ يقول بهذا، ثمَّ رجع فقال: (يجعل أعلاه أسفله) (٥)؛ لما روى عبد الله بن زيد: «أنَّ النَّبيَّ استسقى، وعليه خَميصةٌ سوداءُ، فأراد أن يجعل أسفلها أعلاها فثقُلت عليه، فقلبها الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن» رواه أحمدُ وأبو داود (٦).

وأجيب عن هذه الرِّواية: على تقدير ثبوتها، فهي ظنٌّ من الرَّاوي، وقد نقل التَّحويلَ جماعةٌ لم يَنقُل أحدٌ منهم أنَّه جعل أعلاه أسفله، ويَبعُد أنَّه ترك ذلك في جميع الأوقات لثِقَل الرِّداء.

(وَيَفْعَلُ النَّاسُ كَذَلِكَ)، وهو قول أكثرهم؛ لأنَّ ما ثبت في حقه (٧) ثبت في حقِّ غيرِه، ما لم يَقُم دليلٌ على اختصاصه، كيف وقد عُقل المعنى؛ وهو التَّفاؤل بقَلْب الرِّداء ليُقلَب ما بهم من الجدب إلى الخِصب، مع أنَّه روي عن جعفر بن محمَّد عن أبيه: «أنَّ النَّبيَّ حوَّلَ رداءَهُ ليتحوَّلَ القحطُ» رواه


(١) أخرجه مسلم (٨٩٤).
(٢) ينظر: مسائل ابن منصور ٢/ ٧٨١، مسائل أبي داود ص ١٠٦، زاد المسافر ٢/ ٢٣٦.
(٣) قوله: (لما) سقط من (أ).
(٤) سبق تخريجه ٣/ ٥٦ حاشية (٣).
(٥) ينظر: الأم ١/ ٢٨٧.
(٦) أخرجه أحمد (١٦٤٧٣)، وابن خزيمة (١٤١٥)، وأبو عوانة (٢٤٨٠)، وابن حبان (٢٨٦٧)، والحاكم (١٢٢١)، وصححه الألباني. ينظر: الإرواء ٣/ ١٤٣.
(٧) قوله: (ثبت في حقه) سقط من (أ).