للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أوْصَى إذا دُفِن أن يُقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها» (١)، ولهذا رَجَع أحمدُ عن الكراهة (٢)، قاله أبو بكْرٍ، وأصلها: أنَّه مرَّ علَى ضَريرٍ يقرأ عند قَبْرٍ فنهاه عنها، فقال له محمَّدُ بنُ قُدامَةَ الجَوْهَرِيُّ (٣): يا أبا عبد الله ما تقول في مبشر الحَلَبِيِّ، قال (٤): ثقةٌ، فقال: أخبرني مبشر عن أبيه: «أنَّه أوصى إذا دُفِن أن يُقرأَ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها، وقال: سمعتُ ابنَ عمرَ أوصى بذلك»، فقال أحمدُ عند ذلك: (ارْجِعْ فَقُلْ للرجل (٥) يَقرأ) (٦)، فلهذا قال الخلاَّل وصاحبُه: المذهبُ روايةً واحدةً أنَّه لا يُكْرَه، لكن قال السَّامَرِّيُّ: يُستحَبُّ أن يقرأ عند رأس القبر بفاتحة البقرة، وعند رِجْلَيْه بخاتمتها.

والثَّانية: يُكرَه، اختارها عبد الوهاب الورَّاق وأبو حفْصٍ، وهي قول جمهور السَّلف؛ لقول النَّبيِّ : «لَا تَجْعَلوا بُيوتَكم مقابِرَ لا يُقْرَأُ فيها شَيء من القرآن، فإنَّ الشَّيْطانَ ينفر مِنْ بَيتٍ يُقرَأُ فيه سورة البقرة» (٧)، وعلَّله أبو الوفاء وغيرُه: بأنَّها مَدفِنُ النَّجاسة كالحُشِّ، قال بعضُهم: شدَّد أحمدُ حتَّى قال: لا يُقرَأ فيها في صلاة الجنازة، ونقل المَرُّوذِيُّ فيمَنْ نَذَر أن يقرأ عند قَبْر أبيه:


(١) أخرجه يحيى بن معين في تاريخه (٥٢٣٨، ٥٤١٣)، والخلال في الأمر بالمعروف (ص ٨٧)، والطبراني في الكبير (٤٩١)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة (٧٥٧)، والبيهقي في الكبرى (٧٠٦٨)، وفي الدعوات الكبير (٦٣٨)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٢١٧٤)، وابن عساكر في تاريخه (٤٧/ ٢٣٠)، قال البيهقي في الدعوات: (هذا موقوف حسن)، وقال الهيثمي: (رجاله موثقون)، واحتج به أحمد وابن معين، وحسَّن إسناده النووي، وأورده ابن تيمية وابن القيم في معرض الاستدلال. ينظر: مجمع الزوائد ٣/ ٤٤، اقتضاء الصراط المستقيم ٢/ ٢٦٤، الروح ص ١٠.
(٢) ينظر: مسائل عبد الله ص ١٤٥.
(٣) نقل عن الإمام أحمد أشياء. ينظر: طبقات الحنابلة ١/ ٣١٥، المقصد الأرشد ٣/ ٤٨٧.
(٤) في (ب) و (ز): فقال.
(٥) زاد في (أ): (أن).
(٦) ينظر: القراءة عند القبور للخلال ص ٨٨، زاد المسافر ٢/ ٣١١.
(٧) قوله: (البقرة) سقط من (و). والحديث أخرجه مسلم (٧٨٠).