للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثَّانِي: لا؛ لأنَّه أدَّى الواجِبَ عن غيره بغير إذنه، فلم يَصِحَّ، كما لو أدَّى عن غيره.

وهما مبنيان: هل يكون متحمِّلاً عن الغير لكونها طُهرةً له، أو أصيلاً؛ لأنَّه المخاطب بها؟ وفيه وجهان.

فلو لم يُخرِج مع قدرته؛ لم يلزم الغيرَ شَيءٌ، وله مطالبته بالإخراج، جزم به الأصحاب؛ كنفقته، لكن لو أخرج العبد بلا إذن سيِّده؛ لم يُجزِئْه. وقيل: إن ملَّكه سيِّده مالاً، وقلنا: يملكه؛ ففطرته عليه ممَّا في يده، فعلى هذا: يخرج العبد عن عبده منه.

وظاهر ما سبق: أنَّه إذا أخرج بإذنه أنَّه يجزئه، فلو أخرج عمَّن لا تلزمه فطرته بإذنه؛ أجزأ، وإلاَّ فلا، قال الآجُرِّيُّ: هذا قول فقهاء المسلمين.

مسألةٌ: من لزِمه فطرةُ حرٍّ أوْ عبدٍ؛ أخرجها مكانَهما، كمالٍ مزكًّى في غير بلدِ مالكِه، ونَصَّ: على أنَّه يخرجها مكانَه (١)؛ كفطرة نفسه.

فَرعٌ: مَنْ أُنفِق عليه من بيت المال؛ لم تلزم (٢) فطرتُه؛ لأنَّ ذلك ليس بإنفاق، وإنَّما هو إيصال المال في حقِّه، قاله القاضي، أو لأنَّه لا مالكَ له معيَّن، كعبيد (٣) الغنيمة قبل القسمة والفَيْء ونحو ذلك.

(وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَ الْفِطْرَةِ)؛ لتأكُّدها، بدليل وجوبها على الفقير، وشمولها لكلِّ مسلمٍ قَدَرَ على إخراجها، فجرى مَجرَى النَّفقة، بخلاف زكاة المال، فإنَّها تَجِب بالملك، والدَّين يُؤثِّر فيه، والفطرة تَجِب على البدن، وهو غير مؤثِّر فيه.


(١) ينظر: الفروع ٤/ ٢٢٦.
(٢) في (ب) و (د) و (ز) و (و): لم يلزمه.
(٣) في (ز): كعبد.